أقول: إنَّ هذا الكلام غير صحيح
فالحديث إن كان صحيحاً لذاته فهو حجَّة.
وإن كان حسناً لذاته فهو حجّة؛ وهو صِنْوُ الصحيح في الاحتجاج ووجوب العمل به.
وإن كان من شديد الضَّعف فلا حاجة لنا فيه.
وإن كان من الضعيف الذي يقبل التقوية فهذا ممَّا يعتضد إمَّا بشاهد أو متابع وإمَّا بشواهد أو متابعات, لأنَّ الكلام إما أن يكون صِدقاً فيُقبل، وإمَّا أن يكون كذباً فيُردّ، وإن وُجدت قرينة تُلحقه بأحد القسمين أُلحِق به وإلاَّ نتوقَّف فيه.
فإذا كان الراوي من أهل الصِّدق لكنَّه ضعيف الحفظ وعنده رواية هل نردَّها أو نقبلها؟
الجواب: نتوقَّف فيها حتى نجد ما يشدُّها ويعضدها فإن جاء من طريق أُخرى ولو صاحبها سيء الحفظ أو من طريق مرسل … دلَّ على أنَّ هذا الإنسان الصَّادق -وإن كان ضعيف الحفظ- قد ضبط هذا الحديث؛ فقد جاء دليل من هنا ودليل من هنا على إثبات حكم، فابتداءً هو ضعيف، فتوقَّفنا في روايته ثمَّ وجدنا ما يعضده, فكان هذا العاضد دليلاً على أنَّ هذا الراوي الصَّادق -الذي في حفظه شيء- قد ضبط هذا الحديث فهذا يكون حجَّة وينـتقل من الضعف إلى القوَّة؛ من حيِّز الضعيف إلى حيِّز الحسن لغيره.
وإذا كان حديث ما حسنٌ لذاته فهو مقبول, ونبحث عمَّا يُقَوِّيه فإذا وجدنا حديثاً آخر صحيحاً أو حسناً في مستواه زاده تقوية له ونعدُّه في سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا عليه السَّلف : عليه أحمد وغيره من الأئمة -رحمهم الله- ألاَ تعلم أنَّ مالكاً -رحمه الله- يحتجُّ بالمراسيل؟! وكثير من العلماء يحتجُّون بالمراسيل، فهذا الذي عندنا أقوى من المراسيل.
ثمَّ جاء أحمد والشافعي وغيرهم من أئمة الإسلام فيحتجُّون بالمرسل -وهو من قسم الضعيف- إذا جاء ما يعضده، ويحتجُّون بسيئ الحفظ إذا جاء ما يسنده, ويحتجُّون برواية المدلِّس -التي فيها ريبة لأنَّه يُدلِّس- إذا جاء ما يُسنده من رفع احتمال التدليس من طريق أُخرى -إمَّا عنه وإمَّا عن غيره- فانتفت بذلك الشبهة والريبة.
فرواية المدلس إذا جاءت بالعنعنة خارج الصحيحين فإننا نتوقَّف في قبوله, فإذا جاءت من طريق أُخرى صرَّح فيها بالتحديث أوالسَّماع انتفت الشبهة تماماً ووجب علينا قبول خبره، وكذلك إذا جاء غيره ووجدنا له متابعاً أو شاهداً انتفت هذه الشبهة، وقبلنا روايته.
ومعنى كلام هذا الطالب -هداه الله- أنَّنا نردُّ كثيراً من السنَّة النبوية!!
فأحمد والترمذي والبخاري والشافعي وأئمة الإسلام الكبار يحتجُّون بالشواهد والمتابعات والعواضد في الأحاديث التي فيها شيءٌ من الضَّعف، فشبهة الضَّعف تنتفي بمجيء الحديث من طريق أُو طرق أُخرى، فلا يحقُّ لنا أبداً أن نتوقَّف والحالة هذه.
فهذا الكلام الذي سمعناه في السؤال غير صحيح -بارك الله فيكم- ومُخالف لمنهج السَّلف أئمة الحديث مهما توسَّعوا في الدَّعاوى فلستم واللهِ أنصح لدين الله من أئمة الإسلام.
يا إخوة هؤلاء كثيرٌ منهم يُشوِّشون على القرآن ويُشوِّشون على السنَّة !! فيقولون: السنة أخبار آحاد، والأحاديث الصحيحة التي تلقتها الأمة بالقبول أخبار آحاد، ما نحتج بها في العقائد, إذا جاءت أحاديث باطلة تثبت خرافاتهم احتجوا بها، أحاديث باطلة أحاديث ضعيفة مهلهلة لا يحتج بها أهل السنة يحتجون بها في العقائد، إذا جئت إلى باب العقائد وناقشتهم في عقائدهم الفاسدة في تعطيل صفات الله وغيرها قالوا: لا هذا أخبار آحاد! وهم من جهة أخرى يحتجون بالأباطيل على ضلالاتهم وخُرافاتهم، وهذه شبهة جديدة التي نجمت الآن في هذا العصر وما أكثر الشبهات في هذا العصر.
وكلُّ خير في اتباع من سلف وكلُّ شرٍّ في ابتداع من خلف
قال تعالى🙁 وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (النساء:115)
وإذا جاء أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والجوزجاني والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني وغيرهم من أئمة الإسلام ويحتجون بهذه الأحاديث التي يردها هؤلاء أنتبع الأئمة أم نتبع هؤلاء ؟!
كونوا يا إخوة على بصيرة، اثبتوا ياعباد الله، اثبتوا فإن الشبهات كثيرة تأتي من هنا ومن هنا ومن هنا وعلى مر الأيام وعلى مر السنين تتكاثف الشبهات، فاثبتوا على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح -بارك الله فيكم-.
[الثبات على السنة]