والله أنا أشرت سابقا أننا نحاول -بارك الله فيك- أن يكون لنا إلمام بالواقع بحيث لا يشغلنا عن قضيتنا الأساسية التي هي دراسة كتاب الله، حفظ كتاب الله، حفظ سنة الرسول، يعني العناية والاهتمام بعلوم الوسائل من اللغة والأصول والصرف والنحو والبلاغة التي تساعدنا ويتوقف فهم كثير من نصوص القرآن والسنة على استيعاب مثل هذه العلوم ومعرفة دقائقها، فيكون عندنا شيء من الإلمام، لا مانع أن يتوسع بعض الناس، ما هو نوجه كل الشباب، كل الشباب نوجههم إلى هذا! هذا يصرفهم عن الواجب الأساسي، ويشغلهم عن الواجب الأساسي، والله أنا أخبركم بواقع أمري، يعني الأحداث هذه أهمتني كثيرا وأتابعها، والله أجد في قلبي ضعف، أجد في قلبي تغيرا، فكيف بمن يشغل نفسه دائما ودائما بهذه الأشياء، تقسو القلوب، ما تلين القلوب إلا بذكر الله، بالقرآن ((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانيا تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )) ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) القلوب تقسو والقلوب تصدأ وتتسخ وتحتاج إلى ما يطهرها وينظفها ويلين قسوتها، وما ذلك إلا بكتاب الله وبسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، أما هذه فلها دخل كبير -بارك الله فيكم- في الران على القلوب وعلى قسوة القلوب، فنأخذ منها بقدر، وقليل منا يعتني بهذه الأشياء على أن يضاعف جهده ويعوض عن هذا الوقت الذي يضيعه في هذه الأشياء، يعوض ما فاته من دراسة كتاب الله ومن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام باختزال شيء من وقته، أنام ثمان ساعات لازم لي نوم ثمان ساعات، أخلي ساعة من هذه الثمان للاطلاع على هذه الأشياء مثلا أو نصف ساعة، هذه النصف ساعة التي أضيعها في قراءة هذه الأشياء أعوضها بدل أن أنام ثمان ساعات أنام سبع ساعات.
ثم يا إخوتاه بمناسبة هذا السؤال -يعني- كثير من الشباب غلوا في هذا الواقع، غلوا وجفوا في نفس الوقت وربما اعتبروه أفضل من العلم بكتاب الله وسنة الرسول، وربما -بل لمسنا هذا لمسا باليد- أن من يتميز بالعلم بالواقع ويشتغل بعلم الواقع يعني يدرس الصحف وفيها الكذب وفيها الباطل وفيها التزوير وكثير من هذا الكذب والباطل ينتطلي على هؤلاء الذين يعنون بهذه الصحف والمجلات فيظنونها صدقا فيشحنون أدمغتهم ويشحنون أدمغة الناس ثم تأتي تحاليل ودراسات خطأ في خطأ فيؤدي إلى شر لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، فالمهم علم الواقع هذا أصبح اليوم قداسة، وله مكانة، وفيه مفاضلات، وفيه تهميش للعلماء الحقيقيين، يعني جعلوهم في جانب لا تقبل فتاواهم ولا يحترمون وأصبح هذا مثل قول -يعني- الأحزاب غير الإسلامية، كيف يحاربون الإسلام؟ يعني العلماء المسلمين جامدين رجعيين متخلفين، هذا علم الواقع معناه إن أصحابه تقدميون وأولئك المشايخ المساكين الذين لا يعرفون الواقع رجعيون جامدون متخلفون، نفس السلاح الذي يستخدمه أعداء الإسلام ضد علماء الإسلام يستخدمه الآن كثير من شباب المسلمين، كثير من شبابنا مع الأسف يستخدمونه، أنا أقرأ في كتيب في العلمانية يقول: من خصائصهم أنهم يطعنون في العلماء يقولون: جامدين رجعيين ومتخلفين، نفس الشيء يستخدمه الشباب المسلم في حق شيوخهم وعلمائهم فيقولون: ما يعرفون الواقع، ما يقدرون أن يقولوا: رجعيين، غيروا العبارة فقط، يعني وضعوا قالبا جديدا، لكن في حقيقة الأمر إن هي عبارة عن قولهم هؤلاء رجعيون جامدون متخلفون، لهذا ترفض فتاواهم لأنهم ما يعرفون الواقع، وهذا أمر خطير جدا، رهيب، يجب أن يتوب شبابنا منه وأن يرجعوا إلى الله تبارك وتعالى لأنهم وقعوا في ذنب كبير وفي تفضيل هذا الواقع على شرع الله، لأن الطعن في هؤلاء والتنفير منهم وفي علمهم مؤدٍ لا محالة إلى الطعن في شرع الله وفي دين الله، هذه ثمار هذا الأسلوب الذي يستخدم الآن كسلاح لتهميش العلماء وعدم اعتبار فتاواهم ورميهم بالجهل، والرجعية والتخلف، هذا مغزى قولنا الآن: علماء واقع، علماء واقع، هذه حقيقته وهذا تفسيره، لكن أنا اعتقد أنهم ما يعرفون، مساكين، أخذتهم العواطف وما يعرفون ماذا يراد بهم، ما يعرفون مساكين، فوقعوا في هذه الشباك، فأنا أوقظكم أيها الشباب، الذي وقع في هذا منكم عليه أن يتوب إلى الله ويرجع إلى الله تبارك وتعالى ويعرف مكانة العلم ويعرف خطورة هذا الأسلوب لأنه يؤدي إلى التنفير من دين الله، لأن إذا كان هؤلاء هم علماء الدين ونطعن فيهم ونجهلهم تشمئز منهم النفوس وتنفر فيكون النتيجة أن ننفر عن دين الله، من أين نأخذه بعد ذلك؟ نروح ونرتمي في أحضان أهل البدع أو نعيش نتخبط في ظلمات الجهل، بارك الله فيكم، فأنا أناشد شبابنا وإخواننا الذين يتلقفون هذا الكلام من غير معرفة بعواقبه ومن غير معرفة بمنطلقه وأهدافه، عليهم أن يدرسوا هذا الأمر، ويأخذوا مني هذا الدرس ويحللون -إذا كانوا بدؤوا يحللون- ليعرفوا النتائج والثمار لمثل هذا الأسلوب والسلاح الرهيب الذي استخدم -وإن كانوا لا يقصدون- لكن مؤداهم إلى التنفير من دين الله تبارك وتعالى، التنفير من التوحيد، التنفير من السنة، التنفير من التفسير، التنفير من العلوم الإسلامية، ونقبل على الصحف ونقول نحن علماء واقع! ويا سلام! ويا ضياع الدين! إذا كان هذا هو المنهج فنسأل الله العافية، هذه بادرة خطيرة جدا يجب أن يدركها الشباب، وأن يفيؤوا إلى الله وإلى كنف الحق وإلى كنف التوحيد ويتعلموا العلم من مناهله، وأعود فأقول لهم: إن هناك بقية باقية إن ذهبت قبل أن نستفيد ما عندها من العلم فإننا سنأوي إلى ما قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام نؤول إلى علماء جهال فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون.
[شريط بعنوان: الاعتصام بالكتاب والسنة]