تقديم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
لرسالة “الأدلة اللماعة على وجوب صلاة الجماعة”
للباحث محمود الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و على آله و صحبه و من اتبع هداه.أما بعد:
((فقد اطلعت على الرسالة القيمة التي ألفها الأخ في الله أبو عبد الرحمن محمود الجزائري في وجوب صلاة الجماعة، و التي سماها ب“الأدلة اللماعة في وجوب صلاة الجماعة”، فألفيتها رسالة جيدة، من أفضل ما كتب في هذا الموضوع العظيم؛ فقد استوفى-أو كاد يستوفي-أدلة وجوب الجماعة؛ من كتاب الله، و سنة رسول الله، و من فهم السلف الصالح و آثارهم، ثم أجاد في بيان وجوه الاستدلال من النصوص القرآنية و النبوية، و أجاد أيضا في عرض شبه من لا يرى الوجوب، و الرد عليها.
إن الموضوع الأساسي لهذا البحث هو بيان حتمية صلاة الجماعة و وجوبها على كل مكلف يتسنى له مشاركة إخوانه المسلمين في إظهار هذا الشعار العظيم، الذي جهل كثير من المسلمين مكانته و أثره في وحدة المسلمين؛ من إبراز قوتهم، و تماسكهم، و أنهم كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا، وأن كل أهل حي و مسجد بمثابة أسرة واحدة، فيلتقون كل يوم وليلة خمس مرات في بيت واحد، يقفون جنبا إلى جنب في صفوف منتظمة، يتجهون إلى قبلة واحدة، وراء إمام واحد، يناجون إلههم الواحد الأحد في غاية من الحب، و في غاية من الخضوع و الإجلال.
لو صلى المسلمون هذه الصلوات و هذه المشاعر النبيلة تملأ جوانحهم و قلوبهم؛ لما وجدت فيهم هذا الاختلاف المشين في عقائدهم و تصوراتهم و أخلاقهم و سياستهم، إلى آخر ما في حياة المسلمين من أمراض!و ما يدري كثير من المسلمين قيمة الوحدة الإسلامية في العقيدة و المنهج، و لا يدري ما قيمة هذه الشعائر التي تؤلف بين القلوب و تدفع إلى رص الصفوف و رأب الصدوع!
و قد مهد الباحث-و كان حسنا منه-بأمرين مهمين، وهما من الحوافز المشجعة التي تسهل على المسلم مشاركة إخوانه المسلمين برغبة و حب في أداء هذا الواجب العظيم:
أحدهما:بيان مكانة الصلاة جماعة في الإسلام.
و ثانيهما:بيان ما في أداء الصلاة في جماعة من الفضل الكبير.
و ساق لهما من النصوص ما يكفي لتحقيق هذه الغاية.
ثم أردف الموضوع الرئيسي-و هو وجوب صلاة الجماعة-بما يؤكد القواعد الإسلامية الرائعة:
-إن المشقة تجلب التيسير.
-و قاعدة رفع الحرج.
-ما جعل الله عليكم في الدين من حرج.
-يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر.
-لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
-ربنا و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا.
فذكر الأعذار التي تعفي المسلم من صلاة الجماعة، وتجعله في حل و براءة ذمة أمام خالقه البر الرحيم.
و فقنا الله جميعا لما يرضيه، و وفق المؤلف لمزيد من خدمة الإسلام و المسلمين؛ بنشر العلم النافع، و الفقه الرائع، القائم على منهج السلف الأقوم؛ من عرض المسائل مقرونة بأدلتها، و دفع الشبهات التي تعترضها، و هو منهج عظيم يقنع صاحب العقل الرصين و القلب السليم.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم)).
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
عضو هيئة التدريس في الجامع الإسلامية
و رئيس قسم السنة
في10شوال1409هجري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(ص5-7)ط.دار هومه/ الطبعة الثانية؛ 1416هجري-1996م.]