تصريحات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتواتر أحاديث الشفاعة وأنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في “مجموع الفتاوى” (1/318):
“وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فَقَالُوا : لَا يَشْفَعُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ عِنْدَهُمْ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا لَا بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا.
وَمَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَحَدٌ ؛ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ“.
2- وسُئل رحمه الله:
عَنْ الشَّفَاعَةِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَلْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
“إنَّ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي ” أَهْلِ الْكَبَائِرِ ” ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيَبْقَى فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ. فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ يُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”. “مجموع الفتاوى” (4/309).
3- وقال رحمه الله:
“وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ}” . “مجموع الفتاوى” (13/56).
4- وقال رحمه الله:
“وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ اتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مُتَطَابِقَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يُعَذَّبُ وَأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ“. مجموع الفتاوى (18/191- 192).
5- وقال رحمه الله في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص305).
“688 – وصورة السؤال: المسئول من السادة العلماء أئمة الدين، أن يبينوا ما يجوز وما لا يجوز من الاستشفاع والتوسل بالأنبياء والصالحين.
689 – وصورة الجواب: الحمد لله رب العالمين. أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للخلق يوم القيامة، بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة. ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، واستفاضت به السنن، من أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر من أمته، ويشفع أيضاً لعموم الخلق.
690 – فله صلى الله عليه وسلم شفاعات يختص بها لا يشركه فيها أحد، وشفاعات يشركه فيها غيره من الأنبياء والصالحين، لكن ما له فيها أفضل مما لغيره، فإنه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على ربه عز وجل، وله من الفضائل التي ميزه الله بها على سائر النبيين ما يضيق هذا الموضع عن بسطه، ومن ذلك “المقام المحمود” الذي يغبطه به الأولون والآخرون.
وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة، منها في الصحيحين أحاديث متعددة، وفي السنن والمسانيد مما يكثر عدده.
691 – وأما الوعيدية من الخوارج والمعتزلة، فزعموا أن الشفاعة إنما هي للمؤمنين خاصة في رفع الدرجات، وبعضهم أنكر الشفاعة مطلقًا”.انتهى.
وهذه النصوص عن شيخ الإسلام وغيره من أئمة الإسلام، بل واتفاق السلف من الصحابة وتابعيهم بإحسان تدفع الحدادية الذين يهوشون على أحاديث الشفاعة، ومن تهويشاتهم قول بعض زعمائهم: إن أحاديث الشفاعة من المتشابه. وقصره الشفاعة على المصلين؛ مخالفين في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام وأئمة الإسلام رحمهم الله.
كتبه
ربيع بن هادي المدخلي
1 محرم 1438هـ