تقريظ الشيخ ربيع بن هادي(للمنظومات الحِسان)
للشيخ زيد بن هادي المدخلي
الحمد لله و الصَّلاة و السَّلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتَّبع هُداه.
أمَّا بعد:
فقد اطَّلعت على ” المنظومات الحِسان “(1) الجامعة الَّتي حبَّرها العلاَّمة لمجاهد لإعلاء كلمة الله ناصر السّنة و قامع الإلحاد و البدعة الشّيخ/زيد بن محمَّد بن هادي المدخلي-حفظه الله و بارك في عمره و سدَّد خُطاه-.
1-فأُعجبتُ بما نَظَمَ فيها من دُررٍ، و أودعها من غُررٍ، و ما ضمَّنها من علمٍ و حكمٍ، تَهدي الضّال، و تُرشد الغاوي، و تُبصِّر المُسترشد، و تُوقظ الغافل السَّاهي إذا أراد الله بِهم خيراً و حفَّتهم عناية الله، ذلك بأنَّه بَيَّنَ منهج السَّلف و أشاد به و دعا إليه و رغَّب فيه؛ لأنَّه المنهج الحقّ الَّذي دعا إليه كلُّ الرُّسل لاسيَّما خاتمهم محمَّد-صلَّى الله عليه و سلَّم-.
2-ثمَّ حَذَّرَ من البدع و ما فيها من الأخطار و الشُّرور و من التحزُّب الجاهلي و ما فيه من الأضرار و ما في المصابين به من الظُّلم و البُهت الَّذي يُوجِّهونَه لمن يدعوهم إلى الهُدى، و يُحذِّرهم من سُبُل المهالك و الرَّدى، مع إيثارهم للباطل و اتِّباع الهوى و الزُّهد في العلم و أهله، و التشبُّث بأذيال البدع و الجهل و اتِّباع كلّ ناعقٍ.
3-ثمَّ عَرَّج على أهل البدع من الفِرق الضَّالَّة الهالكة، من مُشبِّهةٍ، و مُعطِّلةٍ، و قدريّةٍ، و وعيديّةٍ، من مُعتزلةٍ و خوارجَ، و من مُرجئةٍ و جبريّةٍ، مُبيِّناً ما في كلِّ نِحلةٍ منها من ضلالٍ و انحرافٍ، و بُعْدٍ عن الاهتداء بنصوص الكتاب و السّنة و الانقياد و الاستسلام لها، دافعهم الهوى، و قائدهم البغي على الحقِّ و أهله.
4-ثمَّ سلَّط أضواء الحقِّ على أهل الإلحاد و المذاهب الهدَّامة، من عِلمانيّةٍ، و قوميّةٍ، و وُجوديّةٍ، و ماسونيّةٍ، و بابيّةٍ، و قاديانيّةٍ، و رأسماليّةٍ، و اشتراكيّةٍ، و حَداثيّةٍ، مُبيِّناً حقيقة هذه المذاهب، و غايتها الخبيثة و وسائلها الرَّخيصة و أنصارها الخائنين للإسلام و مبادئه و أمَّته، و دعا علماء الإسلام و أنصاره إلى مواجهة هذه المذاهب بالحقِّ الدامغ و البرهان السَّاطع، حتَّى يندحر باطلها أمام جولات الحقِّ و تندكَّ معاقلها بضربات الحقِّ و قذائفه الصَّائبة المُسدَّدة.
5-ثمَّ أمعن في البيان و النُّصح بالتَّفريق الواضح بين أولياء الله و أولياء الشَّيطان ليتميَّز الخبيث من الطَّيِّب، و ليكون المسلم الطَّالب للنَّجاة على بَيِّنةٍ من أمره.
فذكر من مِيزات أولياء الله الصَّادقين:التَّمسُّك بالكتاب و السّنة و الأخلاق العالية، و العقائد الصَّحيحة و الدَّعوة إلى الله بإخلاصٍ، و الأمر بالمعروف و النَّهي عن المُنكر و الحبِّ في الله و البُغض فيه، إلى آخر صفاتهم الكريمة التي أوصلها إلى ستٍّ و ثلاثين صفة تُميِّزهم عن أعداء الله.
ثمَّ تعرَّض لبعض صفات أولياء الشَّيطان فذكر منها:
-الحيدة عن آيات الله، و الإعراض عن العلم النَّافع، و الانغماس في غمرات الجهل،و السَّعي في أرض الله بالفساد و الإفساد.
-و عدم الاستجابة لداعي الحقِّ، و عدم الانصياع لصوت الآمرين بالمعروف و النَّاهين عن المنكر، و تضييع الصَّلوات و اتِّباع الشَّهوات، إلى غير ذلك من البلايا و الآفات.
6-ثمَّ تَوَّجَ هذه المنظومات بالإشادة بالهُداة من السَّلف الصَّالح و المكانة العالية الَّتي تبوَّؤها، و هَتَفَ بالرَّاغبين و المُتطَّلعين إلى اللَّحاق برَكبِهم بأن يُشمِّروا عن ساعد الجدِّ في طلب العلم الشَّريف الَّذي هو المنهج الصَّحيح، و المُوصل إلى مرضاة الله الكريم، و المُوصل إلى مكانة هؤلاء النُّجوم الُهداة في الدُّنيا و الآخرة، و دفع هؤلاء المُتطَّلعين إلى أخذ العلم من مناهله على أيدي شيوخ العلم الربَّاني و المنهج الإلهي المُتلقَّى من كتاب الله الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و من سنَّة رسول الله-الوحي الثَّاني-المتلقاة عن الَّذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحيٌ يُوحى.
7-و أكَّد ذلك ببيان فضل العلم و أهله مشيراً إلى الآيات القرآنيَّة و الأحاديث النبويَّة في ذلك.
8-و بيان مساوىء الجهل و الجُهلاء و مخاطر ذلك و سوء مَغبَّته و وَخيم عاقبتِه.
9-و أخيراً: فكأنَّي بصاحب المنظومات لهذه النَّصائح و التَّوجيهات الَّتي تضمَّنت الفصل بين الحقِّ و أهله و بين أهل الباطل على اختلاف نِحلهم و مذاهبهم الباطلة و اتِّجاهاتهم الفاسدة، كأنِّي به يقول لهذه الأصناف: “إنِّي أنا النَّذير العُريان”.و يقول لمن لَم يستجيب لذلك ما قاله الهن في حقِّ أسلافهم:((فإنْ لم يَستجِيبوا لكَ فاعلَم أنَّما يَتَّبِعونَ أهْواءَهُمْ و مَنْ أَضَلُّ الله مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بغيرِ هُدًى مِن الله))[القصص:50].
و يقول لهم:((فَسَتذكُرونَ ما أقولُ لَكُمْ و أُفَوِّضُ أَمْرِي إلى الله إنَّ الله بصيرٌ بالعِبادِ)) [غافر:44].
و الله أسأل أن يُوفِّقنَا و صاحب المنظومات لما يُرضيه، و كَثَّر أمثاله من العلماء النَّاصحين و الدُّعاة المُخلصين، إنَّ ربِّي لسميع الدُّعاء.
و كتبه
الفقير إلى رحمة ربه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
عضو هيئة التَّدريس بالجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النبويَّة-سابقاً-
18/11/1416هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) “المنظومات الحِسان في العقائد و المناهج و قطوف من علوم القرآن ” (ص17-20/ط.دار المنهاج:1425 هـ-2004م).