تقريظ فضيلة الشيخ ربيع المدخلي
لرسالة” إيقاف النبيل على حكم التمثيل”
الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله محمد، و اله، و صحبه، و من اتبع هداه.
أما بعد،
فقد اطلعتُ على البحث العلمي القيم، الذي نشط له الشاب الفاضل، الغيور على دينه، الشيخ عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم.
“الذي وسمه . بـ:”إيقاف النبيل على حكم التمثيل
فسرّني حسن عرضه، و طريقة استدلاله، و إشراقة عبارته، و قوة حجته في إقامة الحق، ودحض الباطل
و لقد سلك في هذا البحث القيم على النحو الذي أوجزته في الفقرات الآتية:
1- تعرض لمعنى التمثيل، و أقسامه.
2- و لأهم أضراره، و فوائده التي يزعمها المجيزون المغالطون.
3- و تعرض لنشأة التمثيل، وبين أن جذوره تمتد إلى العصر اليوناني، و تعليمات الكنيسة القديمة قبل الإسلام، كما صرح بذلك جماعة من الأدباء، استمداداً من التاريخ.
4- وضح أن المسلمين لم يعرفوا التمثيل من قيام دعوة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم إلى ما قبل خمسين و مائة عام.
و أنّ الغُثاء و الخونة الذين توافدوا على الغرب هم الذين جلبوا هذا الداء العضال، من جملة الأدواء التي نكبوا بها الإسلام و المسلمين بدل أن يقدموا للأمة:العلوم العصرية؛ كالصناعات النافعة و الاختراعات المفيدة.
5- و أن الذين نقلوا العلوم اليونانية في العصر العباسي، بما فيهم من النصارى، و المنحرفين المحسوبين على الإسلام؛ كانوا أعقل و أسلم ذوقاً، و أخلاقاً، و مروءة؛ فحين نقلوا علوم اليونان إلى البلاد الإسلامية؛ تحاشوا الأدب اليوناني و النصراني.و لعل ذلك إدراكاً منهم لما فيه من انحلال و فساد،لا يمكن أن يقبله عامة الشعوب الإسلامية؛فضلاً عن العلماء، و العقلاء.
6- نقل المؤلف عن صاحب “تأريخ اليونان” النص الآتي:
“تكمن الأصول الأولى للمسرح اليوناني في الاحتفالات الدينية، التي كانت تقام في المناطق المختلفة في بلاد اليونان، و التي كانت تدور حول عقيدة الإله”ديونيسوس”-و هو اسم آخر للإِله”باخوس”-الذي كان إلهاً للحصاد، و الثمار، و الكروم، و إن كان قد اشتهر بصفته إلهاً للخمر.
و اليونان كانوا يقومون بهذا النوع من الاحتفالات؛ كمظهر من مظاهر الابتهاج و الشكر للقوى الإِلهية التي تتحكم في الطبيعة؛ إذا كان المحصول وافراً.أو كمظهر للابتهال أو التضرّع لهذه القوى الإلهية إذا قصر المحصول عن الوفاء.
و لم تكن هذه الاحتفالات بدعة اقتصرت على بلاد اليونان، و إنما عرفتها مجتمعات أخرى، و من بينها: مصر، وسورية، على سبيل المثال لا الحصر”، أي أعياد وثنية تقام لآلهتهم المزعومة كما يفعل الوثنيون اليونانيون.
أيها الشباب المؤمن:
إن هذه المسرحيات، و التمثيليات؛ إنما هي:احتفالات، و أعياد وثنية، نقلها إلى هذه الجزيرة-التي طهرها الله بدعوة التوحيد و السنة-من تربى في أحضان”الإنجليز”و بُهرَ بحضارتهم و عاداتهم، و تقاليدهم، و أعيادهم؛ إضافة إلى ما ترعرع عليه في أحضان صوفية، و ما رضعه من خرافاتها، و أساطيرها، و موالدها، و أعيادها لأصحاب القبور، و ما يرافقها من القرابين و النذور…فكيف تلقي بزمامك إلى من هذا دينه و هذه تربيته؟كيف؟
هذا هو التمثيل:إنه مظهر من مظاهر الكفر و الوثنية اليونانية.
إنه مظهر من مظاهر الابتهاج و الشكر للقوى الآلهية عند الوثنيين.و أحياناً مظهر من مظاهر الابتهال و التضرع للقوى الآلهية في حالة الضراء و الشدة التي تلمّ بعبّاد تلك الأوثان من اليونان، و المصريين، و السوريين، و غيرهم؛ أيام وثنيتهم.
لقد قضى الإسلام-دين التوحيد الخالص-على هذه الوثنيات قضاءً مبرماً، و محاها محواً كاملاً من أذهان تلك الشعوب، حتى لم تعد تخطر ببالهم، فلم تذكر في كتبهم، و تواريخهم، و لا في حكاياتهم.
و لا يبعد أن تكون الشروط العمرية التي اشترطها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-على النصارى، و منها:”ألا يظهروا عيد الشعانين في دار الإسلام” لا يبعد أن تكون شروطه من أهم أسباب القضاء على التمثيليات و المسرحيات، لأنها أغرق في الضلال و الوثنية من عيد الشعانين.
أفَتَرى الخليفة الراشد، و إخوانه من الصحابة الكرام، يرفضون عيد الشعانين، المتعلق بحياة رسول كريم و هو عيسى عليه السلام، و يقرون المسرحيات و التمثيليات التي هي طقوس و عبادات للأوثان، و أغرق في الكفر و الضلال من عيد الشعانين.
لقد ارتكب عبيد الاستعمار الغربي و الشرقي، و دعاة التغريب و التفرنج إحياء و نبش هذا الخبث و النتن الوثني بعد أن أماته الله على يدي الخليفة الراشد، و إخوانه من الصحابة الفاتحين.
لقد جر دعاة التغريب و التفرنج الويلات و المصائب على هذه الأمة المسكينة، خصوصاً أولئك الذين يرتكبون المقحمات و الفظائع باسم الإسلام، ويضفون على هذه الفظائع النكراء صفة الإسلام و الإسلامية.
فاشتراكية ماركس الشيوعية أدخلوها في مسلمتهم الكاذبة الخائنة؛ فسموها الاشتراكية الإسلامية.
و التمثيليات و المسرحيات الوثنية ألبسوها لباس الإسلام، وجعلوها من شعاراتهم، و من لوازم دعوتهم الضالة فسموها بالمسرحيات الإسلامية، و التمثيليات الإسلامية..
و الديمقراطية الكافرة، و أساليبها من “برلمانات” و”تحزبات” و”انتخابات” و”إضرابات” و”مظاهرات” أسلموها، و أدخلوها في حيز الإسلام.
و هكذا يتلاعبون بعقول هذه الأمة.و خاصة شبابها الغر،الذي افسدوا عقله و تصوره، و أوهموه أنهم تقدميون،و علماء واقع، و أهل تجديد.
و ما تجديدهم إلا استيراد هذه الأباطيل.و ما علمهم بالواقع إلا مهازل و أساطير.
و أخيرا أقول:
لقد أجاد الشيخ عبد السلام و أفاد، و قدم أقصى ما يملكه الناصح المخلص لأمة يتلاعب بعقولها أهل الأهواء، نسأل الله أن يأخذ بنواصيهم و قلوبهم إلى الحق و إدراكه، و إلى التمييز بين المحبين الناصحين، و المختالين المخادعين، إن ربنا لسميع الدعاء، و الحمد لله رب العالمين.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسان.
قاله و كتبه:
ربيع بن هادي المدخلي
18/3/1413هـ