الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي بين ثناء العلماء وسفاهة الجهلاء   أقوال العلماء في جماعة التبليغ   موقف الإسلام من عيسى ـ عليه السلام   توضيح   دفع أكذوبة المجالس السرية   تقديم الشيخ ربيع لكتاب: سُلوان السَّلَفِي عند كَيدِ الخَلَفي   حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين   الرد على الدكتور عباس شومان   تعليقات على طعونات الشيخ محمد بن هادي في أناس أبرياء مما يصفهم به   منزلة إصلاح ذات البين في الإسلام   نصيحة للسلفيين في الجزائر بالاجتماع وعدم الافتراق   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة (الحلقة الثالثة)   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة ( الحلقة الثانية )   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة ( الحلقة الأولى )   مؤاخذات على شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب ( الحلقة الثالثة )   لا يا شيخ الأزهر، يجب عليك أن تسلك مسلك العلماء في إدانة ابن عربي في تصريحاته بوحدة الوجود ( الحلقة الثانية )   مؤاخذات على شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب ( الحلقة الأولى )   الخيانات والغدر من شر أنواع الفساد في الأرض   كلام أئمة الإسلام حول أحاديث الشفاعة التي لايرفع الخوارج الحدادية بها رأساً.   تحذير أهل السنة السلفيين من مجالسة ومخالطة أهل الأهواء المبتدعين   استهداف الروافض الحوثيين مكة المكرمة بصاروخ باليستي إنما هو امتداد لأعمال أسلافهم القرامطة الباطنية   بيان بطلان دعاوى أهل مؤتمر الشيشان   تصريحات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتواتر أحاديث الشفاعة وأنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان   وضوح البرهان يدمغ مخالفات عادل آل حمدان – الحلقة الأولى   أحاديث الشفاعة محكمة وليست من المتشابه كما يقول ذلك الخوارج الجدد؛ فيجب التسليم بها واعتقاد ما دلت عليه.   نصيحة للمسلمين عمومًا والسلفيين خاصة، في ليبيا وغيرها من البلاد الإسلامية.   أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون   توجيه العلامة ربيع المدخلي، لبعض الشباب في المغرب العربي الذين ينكرون بعض بدع المقابر، ويترتب على ذلك مشاكل كبيرة   التكلف في قراءة القرآن أنكره أئمة السلف رحمهم الله   دحض أباطيل عبد الحميد الجهني التي أوردها في كتابه المسمى زورًا بالرد العلمي – الحلقة الخامسة

تنـزيه الشريعة الإسلامية من فتنة الاختلاط ( الحلقة الثالثة ).

شارك عبر

https://rabee.net/?p=141



“تنـزيه الشريعة الإسلامية من فتنة الاختلاط”

 

 

( الحلقة الثالثة )

 

 وفيها بيان اختلال فهمه للأحاديث الصحيحة واختلال منهجه في التعامل مع الأحاديث التي تعتضد بغيرها فترتقي إلى درجة الاحتجاج بها !

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

 

أما بعد :

 

 

33- قال الكاتب : ” كما استدل بعض من منع الاختلاط بحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها).

 

قلت: أخرجه أبو يعلى وإسناده صحيح وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط، بل الاختلاط واقع فيه كما ترى، وليس فيه أكثر من حث الرجال على الصف الأول، وإرشاد النساء بالتباعد عن صفوف الرجال، تجنبا لأسباب الفتنة بين الجنسين في الصلاة، فضلا عما في الوقوف بين يدي الله في الصلاة من لزوم التخلي عما قد يقطع المصلي عن الخشوع وهذا ما تفيده لفظة (خير) ولا تفيد تحريم الاختلاط، كما زعم من احتج بهذا على المنع.

 

والشر هنا نسبي فإن الصلاة خير كلها للرجال والنساء فإنهم بلا شك مأجورون في الصلاة كلهم وليس منهم آثم”.

 

 

أقول :

 

قولك في هذا الحديث: “وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط”.

 

وقولك: “وهذا ما تفيده لفظة (خير) ولا تفيد تحريم الاختلاط”.

 

يستفاد من هذين القولين العجيبين أنك تجيز اختلاط الرجال بالنساء في الصلاة فيمتزج الرجال بالنساء في كل الصفوف، وأيضاً أنك تجيز أن تكون الصفوف الأولى للنساء والأخيرة للرجال، وأن تكون هذه الصفة دائمة مستمرة لا يحدها زمان ولا مكان وفي كل المساجد على وجه الأرض، ويكون هذا على زعمك من هدي المجتمع النبوي، وأن من ينكرون هذا العمل يكونون مخالفين لهدي المجتمع النبوي ويكونون على بدعة وضلال مفتاتين على شرع الله.

 

أما عند المحرمين لهذا العمل وهذا الاختلاط فيرون أنه من أشد المنكرات والبدع، مخالف لهدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه الكرام ومن اتبعهم بإحسان، مستدلين بالواقع العملي وبالأقوال النبوية ومنها: “وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة”، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: “من أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليس فيه فَهُوَ رَدٌّ”.

 

ثم إنَّ النفس لأمّارة بالسوء، ولا سيما عند اختلاط الرجال بالنساء على الوجوه التي يريدها دعاة الاختلاط.

 

قال تعالى: (وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة يوسف : ( 53 )].

 

وقال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [سورة الأحزاب : ( 72 )]

 

وفي قصة امرأة العزيز عبرة لذوي الألباب في مخاطر الخلوة، قال تعالى يقص قصتها: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَاي إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [سورة يوسف : ( 23 )].

 

والأصل في الإنسان الظلم والجهل، والكاتب لعدم إدراكه لا يحسب حساباً لهذه التنبيهات الربانية على ما تنطوي عليه نفوس أغلب الناس.

 

والعاقل يحسب لها ألف حساب، هذا بالإضافة إلى تشريع الله العليم الحكيم للحجاب، والأمر للجنسين بغض البصر، وأن يضرب النساء بخمرهن على جيوبهن، (وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ).

 

يؤكد ما سلف ما يأتي:

 

1- عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت: إن كان رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ما يُعْرَفْنَ من الْغَلَسِ، وقال الْأَنْصَارِيُّ في رِوَايَتِهِ مُتَلَفِّفَاتٍ”([1]).

 

ففيه مع الحديث السابق الذي ضيّع الكاتب دلالته حث الرجال على التقدم في صفوف الصلاة وتزهيد من التأخر الذي يقع به القرب من النساء، وحث للنساء على التأخر، ليبتعد كل من الرجال والنساء عن الفتنة وأسبابها وهذا من سد الذرائع؛ الأمر الذي لم يلتزمه الكاتب، ويُقدِّم عليه البراءة الأصلية.

 

2- وعن الزُّهْرِيُّ عن هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- قالت: “كان رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا سَلَّمَ قام النِّسَاءُ حين يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قبل أَنْ يَقُومَ.

 

قال ابن شِهَابٍ: فَأُرَى -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قبل أَنْ يُدْرِكَهُنَّ من انْصَرَفَ من الْقَوْمِ”([2]).

 

وفي رواية في البخاري حديث (850)، قالت: ” كان يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ من قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-“.

 

فهذا واقع المجتمع الإسلامي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا حالهم، أخلاق شريفة عالية، وفقه واع في باب سد ذرائع الشر والفتن.

 

فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمكث في مصلاه لكي ينصرف النساء.

 

والنساء يبادرن بالانصراف حتى لا يدركهن الرجال خشية الاختلاط بهم.

 

والرجال يلبثون في المسجد، ويتأنون في خروجهم حتى لا يختلطوا بالنساء، فهذا هو منهج ذلك المجتمع، وهذا سبيلهم، (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً )،[سورة النساء: ( 115 )].

 

ومن حكمة الله البالغة أن شرع على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- الفصل بين الرجال والنساء في التعليم.

 

عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلى رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لنا من نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فيه تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ الله، فقال: اجْتَمِعْنَ في يَوْمِ كَذَا وَكَذَا في مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ الله، ثُمَّ قال: ما مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بين يَدَيْهَا من وَلَدِهَا ثَلَاثَةً إلا كان لها حِجَابًا من النَّارِ، فقالت امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يا رَسُولَ اللَّهِ: أو اثْنَيْنِ، قال: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قال: وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ”([3]).

 

ففي هذا الحديث دليل واضح على مشروعية الفصل بين الجنسين في التعليم خشية مغبة الاختلاط وآثاره السيئة ونتائجه الوخيمة كما هو واقع في هذه الأعصار في بعض البلدان، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يشرع للأمة إلى يوم القيامة لا لعهد الصحابة الأتقياء فحسب.

 

فهن لا يشاركن الرجال في مجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعلم والحديث، ولما قالت المرأة منهن: ذهب الرجال بحديثك، لم يقل لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وما الذي منعكن من حضور مجالسي ومشاركة الرجال في النهل من العلم والحديث في هذه المجالس العلمية.

 

ثم مع ذلك لم يجعل يوماً للرجال ويوماً لهن، بل جعل لهن يوماً معلوماً واحداً في مكان يخصهن لم يحضره الرجال، والظاهر أنه علَّمهن ما يتعلق بشأن النساء ومنه قوله: ” ما مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بين يَدَيْهَا من وَلَدِهَا ثَلَاثَةً إلا كان لها حِجَابًا من النَّارِ…الخ”.

 

فأين هي المساواة بين الرجال والنساء كما ينادي بذلك المحامون عن النساء؟

 

وأين الاختلاط بينهن وبين الرجال كما ينادي بذلك دعاة الاختلاط؟

 

وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قالت امرأة: إنا لا نقدر على مجلسك مع الرجال فواعدنا يوما نأتيك فيه، فقال: موعدكن بيت فلانة، فأتاهن، فكان فيما حدثهن: “أيما امرأة يموت لها ثلاثة من الولد فتحتسب إلا دخلت الجنة قالت امرأ:ة أو اثنتان قال أو اثنتان”([4]).

 

وعند أحمد: “جاء نِسْوَةٌ إلى رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْنَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما نَقْدِرُ عَلَيْكَ في مَجْلِسِكَ مِنَ الرِّجَالِ، فَوَاعِدْنَا مِنْكَ يَوْماً نَأْتِيكَ فيه، قال: مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلاَنٍ، وَأَتَاهُنَّ في ذلك الْيَوْمِ وَلِذَلِكَ الْمَوْعِدِ، قال: فَكَانَ مِمَّا قال لَهُنَّ يعني ما مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ ثَلاَثاً مِنَ الْوَلَدِ تَحْتَسِبُهُنَّ إلا دَخَلْتِ الْجَنَّةَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ أَوِ اثْنَانِ قال أَوِ اثْنَانِ”([5]).

 

 

34- قال الكاتب : ” واحتجوا بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يمشي الرجل بين المرأتين.

 

قلت: أخرجه البيهقي وإسناده ضعيف جدا فيه داود ابن أبي صالح الليثي وهو منكر الحديث”.

 

أقول: هو ضعيف كما ذكرتَ، ولا يضرنا ضعفه، فالأحاديث كثيرة في هذا الباب.

 

 

35- قال الكاتب : ” واحتجوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ليس للنساء وسط الطريق”.

 

قلت : أخرجه ابن حبان وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي قال البخاري فيه : منكر الحديث، ذاهب الحديث”.

 

 

أقول : روى هذا الحديث ابن حبان في “صحيحه” (12/416-417) حديث (5601) فهو يرى صحته، ثم قال مبيناً معناه مقرراً له :

 

” قَوْلُهُ -صلى الله عليه و سلم-: “لَيْسَ لِلنِّسَاءِ وَسَطُ الطَّرِيقِ”، لَفْظَةُ إِخْبَارٍ مُرَادُهَا الزَّجْرُ عَنْ شَيْءٍ مُضْمَرٍ فِيهِ وَهُوَ مُمَاسَّةُ النِّسَاءِ الرِّجَالَ فِي الْمَشْيِ، إِذْ وَسَطُ الطَّرِيقِ الْغَالِبُ عَلَى الرِّجَالِ سُلُوكُهُ، وَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَتَخَلَّلْنَ الْجَوَانِبَ حَذَرَ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ مُمَاسَّتِهِمْ إِيَّاهُنَّ” اهـ.

 

 

وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي. قال الذهبي : وُثِّق. وضعَّفه أبو داود لكثرة غلطه.

 

وقال الحافظ في التقريب : صدوق كثير الأوهام.

 

وقال ابن المديني : ليس بشيء .

 

وقال البخاري : منكر الحديث يُكتب حديثه ولا يحتج به ,يعرف وينكر .

 

فمعناه : أنَّه يعتبر بحديثه.

 

وقال ابن عدي : حسن الحديث وأرجو أنَّه لا بأس به .

 

وذكره ابن حبان في الثقات .وقال : كان من فقهاء الحجاز ومنه تعلَّم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكاً ,وكان مسلم بن خالد يُخطئ أحياناً .

 

وقال عثمان الدارمي عن ابن معين : ثقة , ويقال: إنَّه ليس بذاك في الحديث. 

 

وقال الساجي : صدوق وكان كثير الغلط وكان يرى القدر.

 

قال الساجي : وقد رُوي عنه ما ينفي القدر .

 

وقال أحمد بن محرز : سمعت يحيى بن معين يقول : كان مسلم بن خالد ثقة صالح الحديث”، انظر “تهذيب التهذيب” (10/128-129).

 

وأمَّا شريك بن أبي نمر فمن رجال البخاري ومسلم .

 

قال عنه ابن معين والنسائي: ليس به بأس . 

 

وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث .

 

وقال ابن عدي : إذا روى عنه ثقة فلا بأس برواياته .

 

وقال الآجري عن أبي داود : ثقة .

 

وقال النسائي أيضاً : ليس بالقوي .

 

وذكره ابن حبان في الثقات وقال : ربما أخطأ .

 

وقال ابن الجارود : ليس به بأس وليس بالقوي ,وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه .

 

وقال الساجي : كان يرى القدر.

 

فهذا الحديث إن لم يكن حسناً فهو مما يستشهد به عند العلماء فيعضده ما سلف من الأحاديث والأحاديث الآتية.

 

 

36- قال الكاتب : “واحتجوا بحديث أبي أسيد الأنصاري عن أبيه -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج من المسجد واختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء: (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.

 

قلت : أخرجه أبو داود والطبراني، وإسناده ضعيف جدا في إسناده أبو اليمان الرحال وهو مجهول الحال، وفيه شداد بن أبي عمرو بن حماس مجهول أيضاً وفيه أبوه أبو عمرو وهو مجهول أيضا.

 

وروي هذا الحديث بمعناه عن عمرو بن حماس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس للنساء سراة الطريق).

 

قلت: أخرجه البيهقي والدولابي إسناده ضعيف مرسل، فإن عمرو بن حماس لا تثبت له صحبة وهو مجهول، كما قال أبو حاتم مجهول”.

 

 

– أقول : قال الحافظ في أبي اليمان الرحال : مستور . وقال الذهبي في الكاشف : ثقة .

 

وقال الحافظ في شداد بن أبي عمرو بن حماس: مجهول.

 

وترجم له الذهبي في “الكاشف” وسكت عنه.

 

وقال المزي في ترجمته : ذكره ابن حبان في الثقات . “تهذيب الكمال” (12/401).

 

وذكر أنَّ له علوًا في هذا الحديث وساقه من طريقين بيَّن فيهما علوَّه فيه، وترجم له الذهبي في “تذهيب التهذيب” (4/258) وقال : “ذكره ابن حبان في الثقات”، ولم يعلق عليه بشيء.

 

وكأنَّ المزي والذهبي يوافقان ابن حبان في هذا التوثيق.

 

وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- : “ومن جهلت عدالته باطناً ولكنه عُدِّل في الظاهر وهو المستور فقد قال بقبوله بعض الشافعية

 

ورجح ذلك سليم بن أيوب الفقيه ووافقه ابن الصلاح. 

 

وقد حررت البحث في ذلك في المقدمات والله أعلم. 

 

فأما المبهم الذي لم يسم أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحد علمناه ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن. 

 

وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير والله أعلم”، اهـ. “مختصر علوم الحديث مع الباعث الحثيث” (1/292-293).

 

 

فالرحال وشداد فوق المستورين فمن باب أولى أن يستضاء بروايتهما ويستأنس بها فتقوى بغيرها ويقوَّى بها غيرها .

 

أمَّا أبو عمرو بن حماس فقد ترجم له ابن أبي حاتم بقوله : ” أبو عمرو بن حماس روى عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-.سمعت أبي يقول ذلك ” ([6]).

 

 

ونقل الحافظ في “تهذيب التهذيب” (12/178) عن أبي حاتم أنَّه قال في أبي عمرو هذا أنَّه : “مجهول”. 

 

ثم نقل في ترجمته أنَّه قد روى عن : أبيه وحمزة بن أبي أسيد ومالك بن أوس بن الحدثان.

 

وروى عنه : ابنه شداد ومحمد بن عمرو بن علقمة وحمزة بن المغيرة الكوفي وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون. ([7])

 

ومثل هذا لا يقول فيه أبو حاتم ولا غيره أنَّه مجهول .

 

ولو سلمنا أنَّ أبا حاتم قال فيه (مجهول) فله عذره حيث لم يعرف من شيوخه إلا واحداً ولم يعرف من تلاميذه أحداً .

 

ومن هنا لم يتابعه الحافظ فقال فيه : مقبول .

 

وقال فيه الذهبي في الكاشف : عابد متأله.

 

وذكره خليفة في طبقاته (1/249) فقال : ” عمرو بن حماس الليثي كان عابداً “.

 

وقال الهيثمي في “مجمع الزوائد (8/115) : ” وعن عمرو بن حماس وكانت له صحبة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ” ليس للنساء سراة الطريق ” رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه إسحاق بن حاجب ولم أعرفه”. 

 

فالهيثمي عدَّه في الصحابة .

 

وأقول : إنَّ إسحاق بن حاجب بن ثابت المعدَّل روى عنه أبو بكر النجاد وعبد الصمد الطبسي وكان ثقة ” قاله الخطيب في “تأريخه” (7/416-الترجمة 3372).

 

وترجم له ابن الجوزي في “المنتظم” (6/61) ووثقه.

 

وترجم له الذهبي في “تأريخ الإسلام” (19/106) ونقل توثيق الخطيب وأقرَّه.

 

هذا وقد حسَّن العلامة الألباني هذا الحديث . قال في “سلسلة الأحاديث الصحيحة”، رقم (856) : ” وبالجملة فالحديث حسن بمجموع الطريقين و الله أعلم ” اهـ.

 

 

أقول : فإذا انضمَّ إلى حديث أبي هريرة ارتقى إلى أعلى درجات الحسن لغيره([8]). 

 

37- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس للنساء نصيب في الخروج، وليس لهن نصيب في الطريق إلا في جوانب الطريق).

 

قلت: إسناده ضعيف جدا وفيه سوار بن مصعب، وهو متروك الحديث قاله الهيثمي وعزاه إلى الطبراني في الكبير [2/200]. 

 

واحتجوا بحديث علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس للنساء نصيب في سراة الطريق).

 

قلت: أخرجه الطبراني وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه عبدالعزيز بن يحيى قال فيه الهيثمي: كذاب”.

 

 

أقول: الأمر كما ذكرتَ في حديثي ابن عمر وعلي، فهما شديدا الضعف، وعندنا أحاديث كثيرة تُغني عنها.

 

 

38- قال الكاتب : ” واحتجوا بحديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لو تركنا هذا الباب للنساء). قال نافع: فلم يدخل ابن عمر حتى مات.

 

قلت: أخرجه أبو داود وغيره واختلف فيه رفعا ووقفا والصحيح وقفه على عمر فليس هو من عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما كان اجتهادا من عمر -رضي الله عنه- وليس في تخصيص باب للنساء للخروج والدخول منه، ما يدل على تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع في المسجد كما ترى”. 

 

أقول : الحديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه من عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الفصل بين الجنسين الرجال والنساء خشية الفتنة التي قال فيها: ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ” وقوله -صلى الله عليه وسلم- : ” فاتقوا الدنيا واتقوا النساء “، بخلاف ما يراه الكاتب ودعاة الاختلاط. 

 

 

وقول الكاتب : ” قلت : أخرجه أبو داود وغيره واختلف فيه رفعا ووقفا والصحيح وقفه على عمر فليس هو من عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “.

 

 

أقول : صحَّح الألباني -رحمه الله- المرفوع وقدَّمه على الموقوف([9]) 

 

1- إسناد الرفع صحيح ثابت ثبوت الجبال وتعليله لا وجه له .

 

2- اختلف عبد الوارث بن سعيد وإسماعيل بن علية على رفعه ووقفه: فرفعه عبد الوارث وأوقفه إسماعيل بن عليَّة وكلاهما من الثقات الأثبات .لكن يحيى بن معين يقدِّم عبد الوارث على إسماعيل بن علية في أيوب .

 

3- مع عبد الوارث زيادة وهي الرفع، والزيادة من الثقة يجب قبولها لا سيما من مثل عبد الوارث المقدَّم على ابن عليَّة في أيوب .

 

4- عبد الوارث قد توبع في رفع هذه الرواية عن نافع عن ابن عمر فقد روى أبو داود الطيالسي حديث (1829) : حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ” لما بنى المسجد جعل باباً للنساء وقال : لا يلجنَّ من هذا الباب من الرجال أحد”.

 

5- ثمَّ إنَّ الموقوف على عمر عند التأمُّل لا يعارض المرفوع وإنَّما يؤيِّده .

 

6- يقال للكاتب : إنَّك صحّحتَ الموقوف على عمر، فهب أن الأمر كما زعمت, أليس لك فيه أسوة ؟! وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين” لا سيما وأنَّه لا معارض لعمر -رضي الله عنه- في هذا الأمر الحازم . 

 

فهل يجوز لأحد أن يقول : إنَّ الاختلاط من هدي المجتمع النبوي وأنَّه كان يمارس فيه بشكل واضح (!) ويضلل ويُبدِّع من يقول بتحريم الاختلاط الزاحف من الغرب ؟!

 

7- أنَّ عمر بن الخطاب كان يقترح أموراً فيأتي الوحي بموافقته، فهل يأخذ المسلمون بهدي عمر والصحابة معه أو بهدي دعاة الاختلاط المستغربين ؟! 

 

 

فمن فضائل عمر -رضي الله عنه- ما رواه أبو ذَرٍّ -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ على لِسَانِ عُمَرَ يقول بِهِ “، أخرجه أبو داود حديث (2962) وابن ماجه حديث (105) وهو صحيح.

 

 

وروى الترمذي (3682) بإسناده إلى عبد الله بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال : ” إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ على لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ ” 

 

وقال ابن عُمَرَ : ما نَزَلَ بِالنَّاسِ أَمْرٌ قَطُّ فَقَالُوا فيه وقال فيه عُمَرُ أو قال ابن الْخَطَّابِ فيه -شَكَّ خَارِجَةُ-([10]) إلا نَزَلَ فيه الْقُرْآنُ على نَحْوِ ما قال عُمَرُ .

 

قال أبو عيسى : وفي الْبَاب عن الْفَضْلِ بن الْعَبَّاسِ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ من هذا الْوَجْهِ”.

 

وإنَّ كلام عمر هنا لمن الحق الذي لا يرتاب فيه مؤمن؛ لأنه منبثق من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الباب، ويتفق مع المنهج الإسلامي. 

 

روى الآجري في الشريعة هذه الفضيلة لعمر عن بلال برقم (1355) وأبي هريرة (1356) وعلي ( 1359,1358,1357) -رضي الله عنهم جميعاً-.

 

وروى ابن شاهين هذه الفضيلة لعمر -رضي الله عنه- في “شرح مذاهب أهل السنَّة” حديث (77):

 

“حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، ثنا ابن أبي حازم، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

 

( إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه )، حديث صحيح. 

 

ورواه عن نافع جماعة منهم مالك بن أنس ومالك بن مغول ونافع بن أبي نعيم القارئ ورواه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جماعة منهم أبو بكر الصديق وبلال وأبو ذر وأبو هريرة.

 

تفرد عمر بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحد”.

 

 

39- قال الكاتب: “واحتجوا في منع جواز المصافحة بحديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له)([11]).

 

قلت: أخرجه الطبراني والروياني واختلف فيه رفعا ووقفا والموقوف أرجح إلا أنه ليس مما له حكم الرفع وإسناد المرفوع ضعيف لضعف شداد بن سعيد وتفرده به”.

 

أقول : هذا الحديث حسن إن شاء الله.

 

شداد بن سعيد الراسبي قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق يخطئ.

 

وقال الذهبي في “الكاشف”: وثّقه أحمد وغيره وضعّفه من لا يعلم.

 

وقال فيه العقيلي: “له غير حديث لا يتابع على شيء منها”. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال البخاري: ضعّفه عبد الصمد بن عبد الوارث.

 

وقال الإمام أحمد: ثقة، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال النسائي: ثقة، وقال أبو خيثمة: ثقة، وقال البزار: ثقة”([12]).

 

ونقل ابن أبي حاتم في ترجمة شداد بن سعيد عن الإمام أحمد وابن معين أنه ثقة، ولم ينقل فيه جرحاً لأي أحد([13]).

 

فالحديث هذا يعضد معناه في التنفير من فتنة النساء أحاديث عدة.

 

ومنها حديث عائشة -رضي الله عنها- في “صحيح البخاري”، قال: 

 

7214- حدثنا مَحْمُودٌ حدثنا عبد الرَّزَّاقِ أخبرنا مَعْمَرٌ عن الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت: “كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ( لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شيئا ) قالت: وما مَسَّتْ يَدُ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ إلا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا”([14]).

 

ومنها حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في “صحيح مسلم”، قال : 

 

2657- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِىُّ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ »([15]).

 

 

وقال الإمام البخاري :

 

” حدثنا ابن بُكَيْرٍ حدثنا اللَّيْثُ عن عُقَيْلٍ عن ابن شِهَابٍ. وقال إِبْرَاهِيمُ بن الْمُنْذِرِ: حدثني ابن وَهْبٍ حدثني يُونُسُ قال ابن شِهَابٍ: أخبرني عُرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: كانت الْمُؤْمِنَاتُ إذا هَاجَرْنَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) إلى آخِرِ الْآيَةِ قالت عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بهذا الشَّرْطِ من الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ فَكَانَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ من قَوْلِهِنَّ قال لَهُنَّ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ. لَا والله ما مَسَّتْ يَدُ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غير أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلَامِ، والله ما أَخَذَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على النِّسَاءِ إلا بِمَا أَمَرَهُ الله يقول لَهُنَّ إذا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: “قد بَايَعْتُكُنَّ”، كَلَامًا”([16]).

 

 

– أقول:

 

إن في عدم مصافحة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للنساء المهاجرات وغيرهن في البيعة على الالتزام بالإسلام عقيدة ومنهجاً وأخلاقاً ومعاملات لعبرة عظيمة لذوي البصائر والنهى، ودرس عظيم لهم.

 

ولقد وعى ذلك الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- ومن تبعهم بإحسان، ومنهم أئمة الهدى.

 

فلا يؤثر مصافحة أحد منهم للنساء وحاشاهم.

 

فقد جعلوا موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا وما سبقه من التحذير من آيات الحجاب ومن تحريم النظر إلى النساء وتحريم نظر النساء إلى الرجال، وهو من لوازمه المصافحة، وجعله -صلى الله عليه وسلم البطش باليد من الزنى وغير ذلك، وتحذيره من فتنة النساء وأنه أشد الفتن إلى جانب إعلان قوله -صلى الله عليه وسلم-: “إني لا أصافح النساء”.

 

ولا يبعد أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- انطلقت من وعي هذا المنهج العظيم لتُبيِّن للناس واقع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مبايعته للمهاجرات المؤمنات مؤكدة ذلك بالقسم فتقول: ” لَا والله ما مَسَّتْ يَدُ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ”، ليأخذوا بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أخذوا به فعلاً والحمد لله.

 

فعلى المسلمين الالتزام بهذا المنهج العظيم الذي شرعه الله ورسوله والاعتزاز بذلك ولا يلتفتوا إلى دعاة الباطل التاركين للنصوص المحكمات الواضحات والمتبعين للأهواء والمتشابهات.

 

 

قال ابن عبد البر -رحمه الله- في “التمهيد” (23/298) : 

 

” وحدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال سمعت الزهري يقول حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع عبادة بن الصامت يقول كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في مجلس فقال تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا الآية فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فذلك إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه .

 

قال سفيان كنا عند الزهري فلما حدث بهذا الحديث أشار علي أبو بكر الهذلي أن أحفظه فكتبته فلما قدم الزهري أخبرت به أبا بكر. 

 

قال أبو عمر: قوله في حديث ابن شهاب هذا ومن أصاب من ذلك شيئا يريد مما في الحدود ما عدا الشرك وقد بان ذلك في الحديث الذي قبل هذا وذلك مقيد بقول الله عز وجل ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( ومقيد بالإجماع على أن من مات مشركا فليس في المشيئة ولكنه في النار وعذاب الله أجارنا الله وعصمنا برحمته من كل ما يقود إلى عذابه ” اهـ.

 

 

وقال أيضاً في “التمهيد” (12/236): 

 

وأما قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث فيما استطعتن وأطقتن فإنما ذلك مردود إلى قولها ولا نعصيك في معروف فكل معروف يأمر به يلزمهن إذا أطقن القيام به وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال إذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم وهذا كله داخل تحت قوله عز وجل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأما المعروف في هذا الحديث فجاء بلفظ النكرة فكل ما وقع عليه اسم معروف لزمهم وكان -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر إلا بمعروف وقد قيل إن المعروف ههنا أن لا ينحن على موتاهن ولا يخلون رجل بامرأة ذكر معمر عن قتادة قال أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يخلون بحديث الرجال إلا مع ذي محرم” اهـ.

 

 

وقال النووي في شرح مسلم – (11 / 223) مبينا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ” فمن أصاب من ذلك شيئا …” :

 

” وأعلم أن هذا الحديث عام مخصوص وموضع التخصيص قوله صلى الله عليه و سلم ومن أصاب شيئا من ذلك إلى آخره المراد به ما سوى الشرك وإلا فالشرك لا يغفر له “.

 

 

وقال السندي في حاشيته على سنن النسائي – (7 / 142-143):

 

“( فِي مَعْرُوف )

 

لَا يَخْفَى أَنَّ أَمْره كُلّه مَعْرُوف وَلَا يُتَصَوَّر مِنْهُ خِلَافه فَقَوْله فِي مَعْرُوف لِلتَّنْبِيهِ عَلَى عِلَّة وُجُوب الطَاعَة وَعَلَى أَنَّهُ لَا طَاعَة لِلْمَخْلُوقِ فِي غَيْر الْمَعْرُوف وَعَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي اِشْتِرَاط الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف فِي الْبَيْعَة لَا مُطْلَقًا

 

( شَيْئًا )

 

أَيْ مِمَّا سِوَى الشِّرْك إِذْ لَا كَفَّارَةَ لِلشِّرْكِ سِوَى التَّوْبَة عَنْهُ فَهَذَا عَامّ مَخْصُوص نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَغَيْره وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي أَنَّ الْحُدُود كَفَّارَات لِأَهْلِهَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى فِي الْمُحَارَبِينَ لِلَّهِ وَرَسُوله ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم فَقَدْ سَبَقَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُشْرِكِينَ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم”.

 

 

– أقول: 

 

فهذا كلام العلماء العالمين بمعاني الشريعة ومقاصدها، ويحترمون النصوص النبوية ولا يضربون بعضها ببعض، ولا يتبعون الشُبَه والمتشابهات.

 

 

40- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث أميمة بنت رقيقة -رضي الله عنها- أنها قالت: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نسوة نبايعه فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف قال: فيما استطعتن وأطقتن، قالت فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله: (إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة).

 

قلت: أخرجه أحمد والحاكم وأصحاب السنن وإسناده ضعيف تفرد محمد بن المنكدر به، وهو كثير الإرسال روى عن كثير من الصحابة، وهو لم يلقهم أو يسمع منهم، ولم يتابعه عليه أحد، وأميمة لم يروى([17]) لها إلا هذا الحديث وفي معناه نكارة فضلا عن مخالفته لما صح.

 

أما النكارة ففي قوله «فيما استطعتن وأطقتن» فقيده بالطاقة مع تضمنه أعظم المنهيات وهو الشرك وترك الشرك لا يحتاج فيه المكلف إلا الكف عنه، ولذلك لم يرد التقييد بالطاقة في المنهيات، وإنما جاء في المأمورات. والمخالفة لما جاء في النصوص الصحيحة الدالة على خلافه”.

 

 

– أقول: 

 

أولاً- لم يخالف هذا الحديث النصوص الصحيحة بل يوافقها وتوافقه.

 

وعجباً لفقه هذا الرجل، يُقدِّم فقهه السقيم على النصوص الصحيحة الصريحة:

 

قال الإمام مالك في “الموطأ”([18]):

 

” عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ عن أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ أنها قالت: أَتَيْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- في نِسْوَةٍ بايعنه على الإِسْلاَمِ، فَقُلْنَ: يا رَسُولَ الله نُبَايِعُكَ على أن لاَ نُشْرِكَ بِالله شيئا وَلاَ نَسْرِقَ وَلاَ نَزْنِيَ وَلاَ نَقْتُلَ أولادنا وَلاَ نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بين أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلاَ نَعْصِيَكَ في مَعْرُوفٍ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ، قالت: فَقُلْنَ الله وَرَسُولُهُ أرحم بِنَا من أَنْفُسِنَا، هَلُمَّ نُبَايِعْكَ يا رَسُولَ الله، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : إني لاَ أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إنما قَوْلِي لمائة امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لاِمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أو مِثْلِ قَوْلِي لاِمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ”.

 

وقال الترمذي([19]): “حدثنا قُتَيْبَةُ حدثنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن ابن الْمُنْكَدِرِ سمع أُمَيْمَةَ بِنْتَ رُقَيْقَةَ تَقُولُ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في نِسْوَةٍ فقال لنا: “فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ” قلت: الله وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنَّا بِأَنْفُسِنَا، قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْنَا، قال سُفْيَانُ: تَعْنِي صَافِحْنَا، فقال رسول اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- : إنما قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ”.

 

قال الترمذي عقبه: “وفي الْبَاب عن عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ وهذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلا من حديث مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ، وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بن أَنَسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ هذا الحديث عن مُحَمَّدِ بن الْمُنْكَدِرِ ونحوه”.

 

 

وأخرجه النسائي([20]) قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة …الحديث.

 

وفيه: “فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة”.

 

ويبدو لي أن سفيان في هذا الإسناد إنما هو سفيان الثوري.

 

وقال ابن ماجه([21]): حدثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ، ثنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سمع مُحَمَّدَ ابن الْمُنْكَدِرِ قال: سمعت أُمَيْمَةَ بِنْتَ رُقَيْقَةَ….

 

مختصراً، وفيه: “إني لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ”.

 

وأخرجه الإمام أحمد من طريق سفيان بن عيينة ومن طريق محمد بن إسحاق وقد صرّح بالتحديث، ومن طريق مالك ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان كلهم يُحدِّث عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة، وفي رواياتهم كلها: “إني لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ”. 

 

 

ومما قال هذا الكاتب : ” وأميمة لم يروى([22]) لها إلا هذا الحديث وفي معناه نكارة”.

 

أقول : قال الحافظ ابن حجر في ترجمتها: ” أميمة بنت رقيقة….

 

روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، روت عنها بنتها حكيمة ومحمد بن المنكدر…“([23]).

 

وقال الذهبي في “الكاشف”: “أميمة بنت رقيقة صحابية وأمها رقيقة هاشمية وأختها خديجة بنت خويلد عنها ابنتها حكيمة وابن المنكدر4”.

 

وقال الحافظ في “التقريب”: ” أميمة بنت رقيقة بالتصغير فيهما، واسم أبيها عبد الله بن بجاد التيمي، صحابية لها حديثان”.

 

 

وقوله : ” أما النكارة ففي قوله «فيما استطعتن وأطقتن» فقيده بالطاقة مع تضمنه أعظم المنهيات وهو الشرك وترك الشرك لا يحتاج فيه المكلف إلا الكف عنه، ولذلك لم يرد التقييد بالطاقة في المنهيات، وإنما جاء في المأمورات. والمخالفة لما جاء في النصوص الصحيحة الدالة على خلافه”.

 

أقول: إنَّ هذا الحديث لصحيح، وما تُرد أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثل هذه الشُبَه الركيكة.

 

فالطاقة هي الاستطاعة، وهذا القول الرحيم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله في بيعاته للرجال والنساء.

 

قال الإمام أحمد في “مسنده” (5/314): حدثنا سُفْيَانُ عَنِ الزهري عن أبي إِدْرِيسَ الخولاني عن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ قال: كنا عِنْدَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في مَجْلِسٍ، فقال: “تبايعوني على أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، قَرَأَ الآيَةَ التي أُخِذَتْ على النِّسَاءِ: ( إذا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ )، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ على اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ من ذلك شَيْئاً فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له، وَمَنْ أَصَابَ من ذلك شَيْئاً فَسَتَرَهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عليه فَهُوَ إلى اللَّهِ إن شَاءَ غَفَرَ له وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ”([24]). 

 

 

وقال ابن عبد البر في “التمهيد” (23/297):

 

“وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر بن حماد قال حدثنا مسدد قال حدثنا حماد بن زيد وعبد الواحد وهشيم ويزيد بن زريع قالوا حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن عبادة قال : ” أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البيعة حيث أخذ على النساء أن لا نشرك بالله شيئا ولا نزني ولا نسرق ولا نقتل أولادنا ولا بعضنا بعضا ولا نعصي في معروف فمن أتى منكم حدا في الدنيا فعجلت له عقوبته فهو كفارته ومن أخر ذلك عنه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ” . صحيح ([25])

 

 

فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبايع الرجال على بيعة النساء ومنها ألا يشركوا بالله شيئاً، ويقيد ذلك بالاستطاعة كما في حديث ابن عمر الآتي:

 

قال البخاري -رحمه الله-: حدثنا عبد اللَّهِ بن يُوسُفَ أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ ابن دِينَارٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: “كنا إذا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يقول لنا: فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ”([26]).

 

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: “فيما استطعتن وأطقتن”، يريد به ما عدا الشرك من الأمور المذكورة في هذا الحديث. 

 

وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: “ولا تعصوا في معروف”، لا يدخل ارتكاب الشرك في هذه المعصية.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ” فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ على اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ من ذلك شَيْئاً فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له، وَمَنْ أَصَابَ من ذلك شَيْئاً فَسَتَرَهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عليه فَهُوَ إلى اللَّهِ إن شَاءَ غَفَرَ له وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ”.

 

فقوله: “وَمَنْ أَصَابَ من ذلك شَيْئاً”، تعود الإشارة إلى ما عدا الشرك من الأمور المذكورة، ولا يتناول الشرك، فإن من البدهيات عند رسول الله وأصحابه أن الشرك لا يغفر قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء).

 

فاتفق معنى الحديثين وسقط الاعتراض الباطل.

 

– أقول : لقد تجرأ هذا الكاتب فردَّ هذا الحديث الصحيح الصريح، وتجاهل شواهده ومؤيداته في أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصافح النساء في أمر من أهم الأمور الإسلامية ألا وهو البيعة على التزام الإسلام عقيدة وعملاً، فكيف يقال بعد هذا أو ذاك أنه -صلى الله عليه وسلم- أباح للرجال مصافحة النساء، فيا لها من جرأة.

 

أتدري ماذا صنع بحديث ابن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة، لقد ضعّف إسناده بأن محمد بن المنكدر قد تفرد به.

 

وقال: “وهو كثير الإرسال روى عن كثير من الصحابة، وهو لم يلقهم أو يسمع منهم، ولم يتابعه عليه أحد، وأميمة لم يُروَ لها إلا هذا الحديث وفي معناه نكارة فضلا عن مخالفته لما صح”.

 

هذا ما قاله في الإسناد.

 

 

نظر العلماء إلى محمد بن المنكدر

 

 

قال فيه الحافظ ابن حجر: “أبو عبد الله ويقال: أبو بكر، أحد الأئمة الأعلام” ، وقلّ ما يقول الحافظ مثل هذا.

 

ثم ذكر شيوخه الكثر وتلاميذه كذلك، ومنهم الأوزاعي والسفيانان وشعبة بن الحجاج.

 

ثم قال: قال إسحاق بن راهويه عن ابن عيينة:

 

1- كان من معادن الصدق ويجتمع إليه الصالحون، ولم يدرك أحداً أجدر أن يقبل الناس إذا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه.

 

2- وقال الحميدي: ابن المنكدر حافظ.

 

3- وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة.

 

4- وذكر الحافظ ثناء ابن عيينة عليه ووصفه بالتحري.

 

5- وقال العجلي: مدني تابعي ثقة.

 

6- وقال الشافعي في مناظرته مع عشرة، فقلت: ومحمد بن المنكدر عندكم غاية في الثقة، قال: أجل وفي الفضل.

 

7- وقال يعقوب بن شيبة: صحيح الحديث جداً.

 

8- وقال إبراهيم بن المنذر: غاية في الحفظ والإتقان والزهد، حجة”([27]).

 

وذكر الحافظ أنه يرسل، وهذا لا يحط من مكانته عند أهل العلم والفضل، فكثير من أئمة الإسلام كان يرسل.

 

وذكر الذهبي في “الكاشف” بعض شيوخ هذا الإمام، ثم قال: وعنه شعبة ومالك والسفيانان، إمام بكاء، ولم يشر إلى إرساله.

 

وقال الحافظ في ترجمة هذا الإمام: ثقة، فاضل، ولم يذكر أنه يرسل.

 

وقد روى له البخاري في اثنين وأربعين موضعاً، ومسلم في واحد وثلاثين موضعاً.

 

فهذه منـزلة ابن المنكدر عند العلماء الأجلاء، وقد روى له الأئمة الستة وغيرهم.

 

 

ثانياً- أن الإمام ابن المنكدر قد صرّح بالسماع في رواية هذا الحديث من الصحابية أميمة -رضي الله عنها-، فماذا سيقول هذا الكاتب بعد انقطاع خيط العنكبوت الذي تعلق به؟

 

 

الحديث الثاني: عن ابن شهاب عن عُرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: ” كانت الْمُؤْمِنَاتُ إذا هَاجَرْنَ إلى رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: ( يا أَيُّهَا النبي إذا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ على أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شيئا ولا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِينَ ) إلى آخِرِ الْآيَةِ، قالت عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بهذا من الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، وكان رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ من قَوْلِهِنَّ قال لَهُنَّ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : “انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ”، ولا والله ما مَسَّتْ يَدُ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غير أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ، قالت عَائِشَةُ: والله ما أَخَذَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على النِّسَاءِ قَطُّ إلا بِمَا أَمَرَهُ الله تَعَالَى، وما مَسَّتْ كَفُّ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وكان يقول لَهُنَّ إذا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: قد بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا”([28]).

 

 

– أقول : إن هذين الحديثين لصريحان في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يصافح النساء تنـزهاً عن ذلك، وتربية للرجال والنساء من أمته على الابتعاد عن مقدمات الزنا وسدّاً لذرائعه، لا سيما وقد حرّم الله النظر إلى النساء الأجنبيات سدّاً للذريعة إلى الزنا، وأمر بالحجاب، وعلّم الأمة أنه إذا أراد الرجل أن يُكلم المرأة أن يكلمها من وراء حجاب، وبيّن الحكمة في هذا التشريع بأن ذلك أطهر لقلوب الرجال والنساء.

 

وحرّم الدخول على النساء بغير محرم.

 

كيف وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- عن ربه -عزّ وجلّ- بقوله: ” إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ على ابن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا، أَدْرَكَ ذلك لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وتشتهى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُهُ”([29]).

 

فالذي يصافح النساء مدرك للزنى بعينه ولسانه، لا بد أن ينظر إليها، ولا بد أن يكلمها فيسألها عن حالها، وقد يُحدِّثها ويضاحكها، وتدرك نفسه الزنى بالتمني والاشتهاء.

 

وهذه المقدمات قد تصل بكثير من الناس إلى تصديق الفرج لذلك.

 

فالنبي الكريم الذي يربي أمته على هذا المنهج ما بَيْنَ تحريم وتحذير من فتنة النساء وأنها أضر فتنة وتطبيق ذلك بفعله وقوله – صلى الله عليه وسلم-. 

 

هل يجوز لمسلم يحترم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهجه وتوجيهاته أن يقول: إن الخلوة بالنساء الأجنبيات والدخول عليهن بدون ضرورة وبدون محارم كل ذلك جائز، ويجيز مصافحتهن للرجال وقصّهن وحلقهن لشعور الرجال ويبيح الاختلاط بين الرجال والنساء ؟!!

 

حاشا هذا النبي الكريم وحاشا شرعه القيّم من ذلك، ولا يشك عاقل عرف هذه التوجيهات وهذا المنهج النبوي في أن من يجيز هذه المنكرات أنه مخالف للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتشريعاته الحكيمة النـزيهة.

 

 

41- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث أسماء بنت يزيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن).

 

قلت: أخرجه الحميدي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف في سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف([30])”.

 

 

أقول : نعم شهر بن حوشب ضعيف، ولكنه يستشهد به ويعتبر به في المتابعات، هكذا يعمل أهل السنة والحديث الذين يعظمون سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحاديثه، ويردون أحاديث الكذابين والمتهمين بالكذب وفاحشي الغلط.

 

وشهر ليس من هذه الأنواع. 

 

قال الذهبي في “الكاشف”: روى شبابة عن شعبة: لقيت شهرا فلم أعتد به، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بدون أبي الزبير 4 م قرنه”.

 

وقال الحافظ في “التقريب”: صدوق، كثير الإرسال والأوهام.

 

ضعّفه شعبة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، ووثقه أحمد، ومرة قال: ليس به بأس.

 

وقال عثمان الدارمي: بلغني أن أحمد كان يثني على شهر.

 

وقال الترمذي عن البخاري: “شَهْرٌ حَسَنُ الحديث وَقَوَّى أَمْرَهُ”، وقال ابن أبي خيثمة ومعاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة، وقال عباس الدوري عن ابن معين: ثبت، وقال العجلي: شامي تابعي، ثقة”([31]).

 

ومن كان هذا حاله من الرواة يحسن حديثه، وعلى أقل الأحوال يستشهد به، وشواهده كثيرة، منها ما هو في الصحيحين.

 

فليس من الإنصاف إسقاطه، وليس من الإنصاف الخروج عن منهج أهل الحديث، فهم العمدة، وهم المرجع في التأصيل القائم على الكتاب والسنة، وهم المرجع في قبول الأحاديث وردها، وليس كل من هبّ ودبّ لا سيما من كان له هوى.

 

 

42- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث عقيلة بنت عبيد بن الحارث، قالت: “جئت أنا وأمي قريرة بنت الحارث في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وفيه، فلما أقررنا وبسطنا أيدينا لنبايعه، قال: (إني لا أمس أيدي النساء) فاستغفر لنا وكانت تلك بيعتنا”([32]).

 

قلت: أخرجه الطبراني وإسناده ضعيف فيه موسى بن عبيدة ضعيف”.

 

 

أقول : إن موسى بن عبيدة لضعيف، ولا يقبل حديثه إذا انفرد به.

 

قال الذهبي في “الكاشف”: ضعّفوه”.

 

وقال الحافظ في “التقريب”: ضعيف، ولا سيما في عبد الله بن دينار، وكان عابداً.

 

وقال الذهبي في “الميزان” (4/213): “وقال النسائي وغيره: ضعيف. وقال ابن عدي: الضعف على رواياته بيِّن، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: لا يحتج بحديثه، وقال يحيى بن سعيد: كُنا نتَّقي حديثَه.وقال ابن سعد: ثقة، وليس بحجة. وقال يعقوب ابن شيبة: صدوق، ضعيف الحديث جداً”.

 

والذي يترجح لي أنه يُقبل حديثه في الشواهد والمتابعات إلا حديثه عن عبد الله بن دينار كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر، وشواهده كثيرة.

 

 

43- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث عروة بن مسعود الثقفي -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنده الماء فإذا بايع النساء غمس أيديهن فيه).

 

أخرجه الطبراني وإسناده ضعيف لضعف عبدالله بن حكيم الداهري”.

 

 

أقول: وأنا مع الكاتب في رد هذا الحديث، ولا أدري من هو الذي احتج به، ثم إنه ليس فيه دلالة على مصافحة ولا عدمها.

 

وعبد الله بن حكيم لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد به.

 

قال الذهبي فيه في “الميزان” (2/411): “قال أحمد ليس بشيء، وكذا قال ابن المديني وغيره، وقال ابن معين مرة: ليس بثقة، وكذا قال النسائي، وقال الجوزجاني: كذاب، وبعض الناس قد مشاه وقواه فلم يلتفت إليه”.

 

وقال ابن حبان في كتاب “المجروحين” (1/515) رقم (544): 

 

“كان يضع الحديث على الثقات ويروي عن مالك والثوري ومسعر ما ليس من أحاديثهم لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه”.

 

فمثل هذا الرجل يرد حديثه ولا كرامة.

 

 

44- قال الكاتب: ” واحتجوا بحديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: (إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصافح النساء من تحت الثوب). 

 

أخرجه الطبراني في الأوسط وإسناده ضعيف لضعف عتاب بن حرب ولانقطاعه فإن الحسن لم يسمع من معقل بن يسار، قاله أبو حاتم. [المراسيل]”.

 

 

أقول: إن هذا الحديث لضعيف جداً.

 

عتاب بن حرب قال فيه البخاري في “التأريخ” (7/55): “سمع منه عمرو بن علي وضعفه جدا، في البصريين”.

 

وحديثه هذا من حديثه عن الحسن البصري.

 

وقال ابن حبان في “المجروحين”([33]): “عداده في أهل البصرة روى عنه عمرو بن علي والبصريون كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات على قلة روايته فليس ممن يحتج به إذا انفرد”.

 

وحديثه هذا في نظري لا يشبه حديث الأثبات.

 

فهذه الصورة لمبايعة رسول الله للنساء غريبة.

 

وعلى كل فالمتمسك بالسنة عنده ما يُغنيه عن هذا الحديث من الأحاديث الصحاح.

 

 

45- قال الكاتب: “مفاد النصوص الصريحة

 

فكما ترى النصوص الصحيحة الصريحة كلها تفيد جواز نظر النساء إلى الرجال ونظر الرجال إلى النساء في غير فتنة، كما تفيد جواز الخلوة بالمرأة عند الناس ومصافحتها، والاختلاط بين الجنسين من لوازم ذلك قطعا، سواء كان في الأسواق والمحال للبيع والشراء أو العمل والدراسة، والمساجد والمصليات، والطرقات، وغيرها من الأماكن ولا نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة. 

 

ولا يعارض هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جواز الاختلاط شيء كما ترى والأمر بغض البصر، وحفظ الفروج، والبعد عن الفتنة، لا يناقض ذلك؛ لأن الاختلاط لا يسوغ ما لا يجوز من الأقوال والأفعال بين الجنسين، وهذه الأحاديث الصحيحة دلت صراحة على جواز الاختلاط وأنه لا حد يمنع منه الشرع في القرب بين الرجال والنساء، حتى لو سمي اختلاطا، ومن ادعى خلاف ذلك طولب بالدليل، ولا دليل يقضي له بتلك الدعوى، بل النصوص الصريحة الصحيحة دالة بوضوح على جواز الاختلاط وما هو أكثر من الاختلاط كالخلوة بالمرأة عند الناس والمصافحة، فإن قال قائل إنما منعنا ما كان على وجه الاستمرار والدوام، لأنه قد يورث مالا تحمد عاقبته بين الجنسين، قلنا له: لو كان ذلك صحيحا لعمل به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أحق الناس بذلك، ولتضمنته النصوص التي نعتقد أن الله أتم بها وحيه، فلم يبق إلا أن يكون القول بالتحريم افتياتا على الشارع والافتيات عليه ابتداع في الدين”.

 

 

أقول: لا يوجد نص صحيح صريح على جواز نظر النساء إلى الرجال ولا على العكس، برأ الله الشريعة الإسلامية والنصوص القرآنية والنبوية مما ينسبه هذا الرجل إليها.

 

بل النصوص القرآنية والنصوص النبوية صحيحة صريحة تدل على تحريم ذلك، وقد تقدم في هذا البحث من النصوص الصحيحة الصريحة ما يهدم هذه الدعاوى الباطلة التي تفتح أبواب الشر والفتن والفساد على مصاريعها.

 

والنصوص القرآنية والنبوية قد سدت كل هذه الأبواب والنوافذ إلى ما يفسد الدين والأخلاق، وخاصة ما يتعلق بنظر الرجال إلى النساء، والنساء إلى الرجال والدخول عليهن والاختلاط الذي يدعو إليه هذا الرجل في كل الميادين التي ذكرها الأمر الذي ما سمع بمثله.

 

قال تعالى: (قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [سورة النور : (30)].

 

وقال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [سورة النور : (31 )].

 

فأمر المؤمنين بغض الأبصار وحفظ الفروج، وبيّن أن ذلك أزكى لهم، والزكاء هو طهارة القلوب من نجاسات هذه الأعمال التي ذكرها الكاتب وأجازها التي يؤدي إليها النظر وما يتبعه.

 

وقال تعالى: (وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى…) [سورة الأحزاب: ( 33 )].

 

وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْألُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..) [سورة الأحزاب : ( 53 )].

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا مع ذِي مَحْرَمٍ “.

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: “لاَ يَخْلُوَنَّ أحدكم بِامْرَأَةٍ فإن الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا”.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “”كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ”.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ”.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فإن أَوَّلَ فِتْنَةِ بني إِسْرَائِيلَ كانت في النِّسَاءِ”.

 

إلى غير ذلك من النصوص القرآنية والنبوية الصحيحة الصريحة التي تُبْطِل دعاوى هذا الرجل.

 

والله إنه ليكفي المؤمن الذي يتقي الله ويراقبه بعض هذه النصوص.

 

ونعوذ بالله من هذه الجرأة التي تؤدي إلى تجاهل هذه النصوص القرآنية والنبوية.

 

ونسأل هذا الرجل ما فائدة هذه النصوص إذا أبحنا كل ما زجرت عنه وحذّرت منه.

 

إن هذا الرجل ليخالف النصوص القرآنية والنبوية ويخالف علماء الأمة الذين دانوا بهذه النصوص وفقهوها وبينوا مضامينها وأهدافها ومقاصدها وعملوا فعلاً بها.

 

وانظر إلى قوله بعد إباحة كل ما ذكره:

 

1- “ولا نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة”. 

 

فكيف يسلم شباب هذا العصر وشاباته إذا أطلق لهم عنان النظر من الجانبين والخلوات والاختلاط في كل مكان؟ 

 

كيف يسلمون في هذه الأجواء المنفلتة التي تثير الغرائز وكوامن الشهوات، فقولك في غير تهمة أو مزاحمة كلام فارغ، يخالف الواقع ويخالف النصوص المحذرة من الفتن وأسبابها التي تجر إليها ويخالف الطباع البشرية، وما ذكرته يجلب الفتن من كل النواحي، لا سيما وقد ألغى أكثر النساء الحجاب الشرعي، وأسرفن في التبرج وفي إظهار محاسنهن.

 

فيصدق عليك ما قررته من الباطل قول الشاعر:

 

 

ألقاه في اليَمِّ مكتوفاً وقال له *** إيَّاك إيَّاك أن تبتل بالماء !

 

 

وقولك: “ولا يعارض هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جواز الاختلاط شيء كما ترى والأمر بغض البصر، وحفظ الفروج، والبعد عن الفتنة، لا يناقض ذلك؛ لأن الاختلاط لا يسوغ ما لا يجوز من الأقوال والأفعال بين الجنسين”.

 

أقول: ليس في الشريعة الإسلامية ما يُجَوِّز ما تدعو إليه من الاختلاط بل ولا العقل ولا المروءة. 

 

ولو قلت: لأن الاختلاط الذي يدعو إليه ويحتفي به تلاميذ المستشرقين يسوغ ما لا يجوز في الشرائع والعقول والفِطَر السليمة من الأقوال والأفعال بين الجنسين كما هو واقع المجتمعات المنحلة المنفلتة من التعاليم الربانية الحكيمة.

 

 

قوله: “وهذه الأحاديث الصحيحة دلت صراحة على جواز الاختلاط وأنه لا حد يمنع منه الشرع في القرب بين الرجال والنساء، حتى لو سمي اختلاطا، ومن ادعى خلاف ذلك طولب بالدليل، ولا دليل يقضي له بتلك الدعوى، بل النصوص الصريحة الصحيحة دالة بوضوح على جواز الاختلاط وما هو أكثر من الاختلاط كالخلوة بالمرأة عند الناس والمصافحة”.

 

 

أقول: ليس هناك نصوص صريحة دلت على جواز الاختلاط والخلوة والمصافحة، وما عندك إلا شبهات وتحميل للنصوص ما لا تحتمل، وما أدري ما تعني بقولك: ” وأنه لا حد يمنع منه الشرع في القرب بين الرجال والنساء ” إلا أن القلوب تقشعر منه وتنكره.

 

فهل تريد أنه لا مانع أن يتقارب الرجال والنساء حتى لا يكون بين الرجل والمرأة إلا شبر أو ذراع أو أقل من ذلك، أو تلتصق المناكب بالمناكب في الطرقات وفي سائر الميادين التي ذكرتها؟ إن كلامك ليحتمل هذه الصور.

 

والنصوص الشرعية قد وضعت حدوداً من التزمها فهو المؤمن الصادق المطيع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتأسي به على بصيرة، قال الله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهاَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، [سورة النساء: ( 13 )].

 

ومن يتعداها كدعاة الاختلاط فقد توعده بأشد أنواع الوعيد فقال: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)، [سورة النساء: (14)]. 

 

والأدلة كثيرة وصريحة وتقدم ذكرها، بعضها قريباً، وكثير منها قد سبق في هذا البحث.

 

وقولك: ” بل النصوص الصريحة الصحيحة دالة بوضوح على جواز الاختلاط وما هو أكثر من الاختلاط كالخلوة بالمرأة عند الناس والمصافحة”.

 

 

أقول: لقد أكثرت من تكرار هذه الدعوى على جواز الاختلاط، ونصوص الشرع الكثيرة تُبطلها، وتبطل ما تدَّعيه من جواز المصافحة والخلوة.

 

وقولك: ” كالخلوة بالمرأة عند الناس “، لا معنى له.

 

 

وقولك: ” فإن قال قائل إنما منعنا ما كان على وجه الاستمرار والدوام، لأنه قد يورث مالا تحمد عاقبته بين الجنسين، قلنا له: لو كان ذلك صحيحا لعمل به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أحق الناس بذلك، ولتضمنته النصوص التي نعتقد أن الله أتم بها وحيه، فلم يبق إلا أن يكون القول بالتحريم افتياتا على الشارع والافتيات عليه ابتداع في الدين”.

 

 

أقول: إذن أنت تدعو إلى الاختلاط على وجه الاستمرار والدوام، ولا تبالي بما يورثه من العواقب الوخيمة.

 

وأسوأ من هذا أن تنسب مذهبك هذا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام، برّأ الله رسوله وكتابه والصحابة الكرام وسائر المؤمنين مما تنسبه إليهم.

 

إن الله ليغار، وإن رسوله ليغار، ويأبى الله مما تنسبه إليه، ويأبى رسوله مما تنسبه إليه، وإن المؤمنين الصادقين ليغارون ويأنفون أشد الأنفة مما تنسبه إليهم.

 

ولقد جاءت النصوص بإبطال ما تدعو إليه، بل بإبطال ما هو دونه.

 

والقول بإباحة الاختلاط الدائم المستمر والمصافحة والخلوة وبتبادل النظرات بين الجنسين هو من أشد المحرّمات، والقول بأنها جائزة ومشروعة هو افتيات وابتداع في دين الله من أشد أنواع الافتيات والابتداع لمعارضته للنصوص الشرعية والأصول والقواعد الإسلامية التي تحمي المجتمعات الإسلامية من الفساد والتحلل الأخلاقي؛ الأمور التي يدعو إليها أعداء الإسلام من المستشرقين ومن على شاكلتهم.

 

وأخيراً، فهذا الرجل يكثر من تكرار دعاواه العريضة التي لا تتفق مع دعوته ومنهجه الغريب أجبنا عنها مراراً، فلا يمل القراء بتكرار الردود. 

 

وإني لأدعوه إلى التوبة إلى الله مما اقترفه في حق الشريعة الإسلامية ونصوصها، وما تضمنته من حكم وأصول عظيمة تحمي المسلمين من كل ألوان الفساد، وتسد كل الذرائع التي تؤدي إلى الفساد بكل أنواعه وأشكاله.

 

وأدعوه إلى التوبة مما نسبه إلى المجتمع النبوي أفضل خلق الله بعد الأنبياء.

 

 

46- قال الكاتب: ” الاختلاط في غير تهمة

 

والحق الخالص أنه لم يقم دليل على منع القرب بين الجنسين في غير تهمة، لا بمسافة، ولا بزمن دون زمن، ولا بمكان دن مكان، والأصل في المسكوت عنه الإباحة، فكيف بما وردت فيه النصوص بالجواز، وإنما قال بتحريم الاختلاط من قال توسعا في العمل بقاعدة سد الذرائع، وبأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولم يلتفت القائلون بذلك إلى الآثار النبوية الصحيحة وأحوال الصحابة نساء ورجالا رضي الله تعالى عنهم أجمعين، حيث دلت أحوالهم المنقولة بالآثار الصحيحة على جواز الاختلاط في غير تهمة([34])، إن القول بالتحريم تشدد وغلو وهو الذي لا تحمد عاقبته، وقد صحت النصوص بخلافه.

 

أما القول بالتحريم لفساد الزمان، فمردود بقوله تعالى: ( قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الأرض والله بكل شيء عليم ) وبقوله تعالى: ( قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون )، فالحذر الحذر من المزايدة في هذا، فإن الله لا تخفى عليه خافية، وذلك ابتداع وضلال، والواجب أن يسلم المؤمنون لأحكام الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ولا يقدموا بين يدي الله ورسوله”.

 

 

أقول : في هذا دعوة حارة إلى الاختلاط بين الجنسين، ودعوة إلى القرب بين الرجل والمرأة بدون حدود زمانية أو مكانية في الخلوة وفي الظلام وفي وضح النهار، وحجته أن الأصل في المسكوت عنه الإباحة، فالشارع الحكيم عنده لم يمنع من هذه الصور كلها، بل سكت عنها سكوتاً مطلقاً، إلى هذا الحد وصل هذا الرجل من المجازفات.

 

 

 

ونقول:

 

1- أين وضعت آيات الحجاب ؟! وأين وضعت آيات تحريم النظر حتى على أتقى الناس وأورعهم وأبعدهم عن التهم، وهم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم ؟!

 

2- أين وضعت حديث: “لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا مع ذِي مَحْرَمٍ”؟!

 

3- أين وضعت حديث: ” لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا كان ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ”؟!، وهل نسيت حديث: “فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ”؟!

 

4- هل يجوز لمسلم أن يقول بعد كل هذا: إن الشارع سكت عن هذه الصور كلها ؟!

 

الحق شمس والعيون نواظر *** لكنها تخفى على العميان !

 

5- كيف تُقدِّم الإباحة الأصلية العقلية على النصوص الشرعية ؟!

 

6- كيف تُقدِّم هذه الإباحة على قاعدة سد الذرائع التي دلّت عليها عشرات النصوص ودان بها الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام الأعلام؟

 

ومن هذه النصوص آيات الحجاب وآيات تحريم النظر إلى النساء غير المحارم ونظر النساء إلى الرجال غير المحارم والمنع من الخلوة بالنساء، وحديث: ” فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ…الخ، وحديث: ” لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا كان ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ”.

 

7- كيف تُقدِّم الإباحة الأصلية على قاعدة تقديم درء المفاسد على جلب المصالح التي طبقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودلّت عليها النصوص القرآنية والنبوية ؟

 

8- لقد دمّرت كل الحواجز والسدود التي تقف في وجه الفساد، (وَمَآ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)، [سورة يوسف : ( 103)].

 

9- الآيتان حجة واضحة عليك وعلى دعاة الاختلاط في القول على الله بغير علم وفي كتمان الحق.

 

10- نعم من المقطوع أن الشريعة كاملة شاملة أتمّها الله -عزّ وجل- وبلّغها رسوله -صلى الله عليه وسلم- كاملة وأنها صالحة لكل زمان ومكان.

 

ومن كمالها وشمولها وجمالها تشريع الحجاب وما دار في فلكه من النصوص الكريمة الحكيمة المانعة من فساد المجتمعات والكابحة للنـزوات والشهوات، وبهذا التشريع العظيم الحكيم تميز الإسلام عن التشريعات الجاهلية. 

 

 

وأخيراً هذا كلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- في التحذير من الاختلاط ومساوئه وبيان عواقبه الوخيمة: 

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في نقده لتصرفات بعض فرق الصوفية الضالة -كما في جامع المسائل- ( المجموعة الخامسة ص219-221) : ” وكذلك معاشرة الرجل الأجنبي للنسوةِ ومخالطتُهنَّ مِن أعظم المنكرات التي تأباها بعضُ البهائم فضلاً عن بني آدم، قال الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) ، ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) 

 

وفي “الصحيح” عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : “إيَّاكم والدُّخُولَ على النِّساءِ ” قالوا : يا رسول الله، أَفَرَأيْتَ الحَمْوَ ؟ قال : الحَمْوُ المَوْتُ “. 

 

فإذا كان قد نهَى أن يدخُلَ على المرأة حموُها أخُو زَوْجِهَا، فكيف بالأجنبيِّ ؟! وقال : ” لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ ، فإنَّ ثالثَهُما الشَّيطَانُ “. 

 

وقال : ” لا تسافرِ المرأةُ مَسِيرَةَ يومين إلا مَع زوج أو ذِي مَحْرَمٍ “. 

 

وكان إذا صلى في مسجده يُصلِّي الرِّجالُ خلفَه وخلفَهم النساءُ، فإذا قضَى الصلاةَ مَكَثَ هو والرجالُ حتى يَخْرُجَ النساءُ لئلاَّ تختلط النساءُ بالرجال .

 

قال : ” خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرُّها أولُها “. 

 

وقال أيضًا : ” يا معشرَ النِّساءِ! لا تَرْفَعْنَ رؤوسكُنَّ حتى يَرْفَعَ الرجالُ رؤوسَهم مِن ضيقِ الأُزْرِ “. 

 

لئلاَّ تَبْدُوَ عورةُ الرجالِ فتراها المرأة .

 

وأَمَرَ النساء إذا مَشَيْنَ في الطريق أن يمشينَ على حافةِ الطريق ولا يَحْقُقْنَ الطريقَ 

– أي : لا يَكُنَّ في وَسَطِه- بل يكونُ وَسَطَه الرجالُ لئلاَّ يَمَسَّ مَنْكِبُ الرجلِ مَنْكِبَ المرأة، حتى يُروَى عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أو عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه تَرَكَ بابًا من أبواب المسجد للنساء، ونهَى الرجال عن دخوله، فكان عبد الله بن عمر لا يدخله .

 

وقالت عائشة رضي الله عنها : ” ما مَسَّتْ يَدُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَدَ امرأةٍ لم يَمْلِكْها قَطُّ ” .

 

ولما جاء النساء يُبايعْنَه ،قال : ” إنِّي لا أُصافحُ النِّساءَ، وإنَّما قولي لمِئَةِ امرأة كقولي لاَمرأةٍ واحدةٍ “.

 

ويروى أنه وَضع يده في إناءٍ فيه ماءٌ ،ووضعْنَ أيدِيَهُنَّ فيه، ليكون ذلك عِوَضًا عن مصافحة النساء .

 

كل ذلك لئلا يمسَّ الأجانبَ ،وهو رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتزوجَ بتسع؛ 

وسَيدُ الخَلق وأكرمُهم عند الله تعالى ،فكيف بهؤلاء الضُّلاَّل المبتدعينَ الخارجينَ عن الإسلام الذين يجمعون بين النساءِ والرجالِ في ظلمة أو غير ظلمةٍ ؟ 

 

ويُوهم بعضهم للنساء أن مباشرة الشيخ والفقراء قربة وطاعة ,وأنَّه مُسقطٌ للصلاة ,ويتخذون الزنا والقيادة عبادة ,ويتركون ما أمر الله تعالى به من الصلوات واجتناب الفواحش ,فما أحقَّهم بقوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) ” اهـ.

 

 

وقال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله في “الطرق الحكمية” ص (281) : ” ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفُرَج ومجامع الرجال ” .

 

وقال : ” ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر ،وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ،كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا ،وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة “. 

 

وقال: ” فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ،ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية -قبل الدِّين- لكانوا أشد شيء منعاً لذلك ” اهـ.

 

 

 

الخاتمة

 

 

وختاماً أقول لأخي المسلم الصادق، اجعل نصب عينيك قول الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الأخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)، [سورة الأحزاب : (21 )]. 

 

وقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )، [سورة النور : (63) ].

 

وقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: ” ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ”.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ”.

 

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ” وَلاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فإن ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ”.

 

واحذر من اتباع دعاة الفتن الذين قال فيهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ” دُعَاةٌ على أَبْوَابِ جَهَنَّمَ من أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فيها”([35]).

 

ومنهم دعاة الاختلاط، والدعاة إلى سماع الأغاني وآلات الطرب، وإلى الخلوة بالنساء، إلى آخر البلايا التي تضمَّنها هذان المقالان.

 

 

ومن مجازفات هذا الكاتب : 

 

1- قوله في المتمسكين حقاً بالنصوص النبوية والمتبعين للصحابة الكرام:

 

“ولذلك كان الخلط في حكمه أكثر جناية حين قال بتحريمه قلة لم يعتبروا بالبراءة الأصلية في إباحته، ولم يتأملوا أدلة جوازه، ولم يقتفوا هدي المجتمع النبوي فيه، وهو قدوتنا في امتثال التشريع في كل شؤون الحياة المختلفة، والحق أنه لم يكن الاختلاط من منهيات التشريع مطلقا بل كان واقعا في حياة الصحابة”.

 

فهل سمعتْ أذناك أيها القارئ الكريم مثل هذا الكلام في قلب الحقائق والتجني على شريعة الإسلام وعلى المجتمع النبوي وعلى علماء الإسلام ؟ 

 

2- وقوله : ” فكما ترى النصوص الصحيحة الصريحة كلها تفيد جواز نظر النساء إلى الرجال ونظر الرجال إلى النساء في غير فتنة، كما تفيد جواز الخلوة بالمرأة عند الناس ومصافحتها، والاختلاط بين الجنسين من لوازم ذلك قطعا، سواء كان في الأسواق والمحال للبيع والشراء أو العمل والدراسة، والمساجد والمصليات، والطرقات، وغيرها من الأماكن ولا نص لمن قال بتحريم شيء من ذلك دون شيء في غير تهمة أو مزاحمة.

 

ولا يعارض هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جواز الاختلاط شيء كما ترى والأمر بغض البصر، وحفظ الفروج، والبعد عن الفتنة، لا يناقض ذلك؛ لأن الاختلاط لا يسوغ ما لا يجوز من الأقوال والأفعال بين الجنسين، وهذه الأحاديث الصحيحة دلت صراحة على جواز الاختلاط وأنه لا حد يمنع منه الشرع في القرب بين الرجال والنساء، حتى لو سمي اختلاطا، ومن ادعى خلاف ذلك طولب بالدليل، ولا دليل يقضي له بتلك الدعوى، بل النصوص الصريحة الصحيحة دالة بوضوح على جواز الاختلاط وما هو أكثر من الاختلاط كالخلوة بالمرأة عند الناس والمصافحة، فإن قال قائل إنما منعنا ما كان على وجه الاستمرار والدوام، لأنه قد يورث مالا تحمد عاقبته بين الجنسين، قلنا له: لو كان ذلك صحيحا لعمل به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أحق الناس بذلك، ولتضمنته النصوص التي نعتقد أن الله أتم بها وحيه، فلم يبق إلا أن يكون القول بالتحريم افتياتا على الشارع والافتيات عليه ابتداع في الدين”. 

 

 

اعجب أخي لهذه الجرأة وقلب الحقائق!!

 

فلا والله ما عنده أي نص صحيح صريح فيما يدعو إليه، والنصوص الصحيحة الصريحة ضد ما يدَّعيه، وانظر إلى هذه الجرأة حيث يجيز الاختلاط ونظر الجنسين بعضهم إلى بعض والاختلاط في كل الميادين التي ذكرها، وأخرى يُشير إليها. 

 

فهل سمعتْ أذناك مثل هذه الجرأة والتقوّل على الله وشرعه بغير علم؟ بل بما يضاد ما شرعه الله ورسوله في النصوص الكثيرة، ويضاد الأصول المنبثقة عن كتاب الله وسنة رسوله من حماية المجتمعات الإسلامية وأفرادها من الفساد وكل ما يؤدي إليه.

 

ومن ذلك أصل سد الذرائع الذي دلّت عليه عشرات النصوص. 

 

3- وقوله: ” والحق الخالص أنه لم يقم دليل على منع القرب بين الجنسين في غير تهمة، لا بمسافة، ولا بزمن دون زمن، ولا بمكان دن مكان، والأصل في المسكوت عنه الإباحة، فكيف بما وردت فيه النصوص بالجواز”.

 

فهل سمعتْ أذناك أو رأتْ عيناك مثل هذا الكلام في إنكار الأدلة الكثيرة الصريحة الواضحة في حماية المسلمين من وسائل الفساد والفتن، ومثل هذا الكلام الذي لا يترك في الاختلاط والقرب بين الجنسين مسافة ولا زماناً ولا مكاناً إلا أباحه؟، ويقول: “في غير تهمة”، فإذا انفلت الشباب والشابات في كل مكان وزمان متقاربين، لا يحد هذا القرب حد، كيف يسلمون من التهمة والفتنة العمياء المدمِّرة ؟

 

وهل يُغني قوله “في غير تهمة” شيئاً في هذه الاختلاطات المستمرة التي لا يحدها زمان ولا مكان؟

 

4- وقوله: “والصواب أن فلي المرأة رأس الرجل من الأمور الجائزة ونحوه القص والحلق، فالحديث يفيد جوازه وجواز الاختلاط”.

 

وقد فنَّدْناَ كل هذه الدعاوى الباطلة في هذا البحث المتواضع فتَذَكَّرْ.

 

والحق أن كل دعاواه الخطيرة لا يقبلها ولا يحتملها شرع ولا عقل ولا فطرة.

 

 

فنسأل الله أن يقي المسلمين شرورها وعواقبها الوخيمة.

 

إنّ ربنا لسميع الدعاء.

 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

والله أعلم وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم .

 

كان الفراغ منه 

 

ليلة 4 من ربيع الثاني لعام 1431 

 

من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله 

 

وكتب

 

ربيع بن هادي بن عمير المدخلي

 

 

***********

[1] – أخرجه البخاري في “الصلاة” حديث (372)، ومسلم في “المساجد” حديث (645).

 

[2] – أخرجه البخاري في “الآذان” حديث (837)، (849)، (850)، وأبو داود في “الصلاة” حديث (1040)، وابن ماجه في “الصلاة” حديث (932)، والنسائي في الكبرى في “الصلاة” حديث (1257).

 

[3] – أخرجه البخاري في “الاعتصام” حديث (7310)، ومسلم في “البر والصلة”، حديث (2633)، وأحمد في المسند (3/34).

 

[4] – أخرجه النسائي في “الكبرى” (5/387)، من طريق سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

 

[5] – أخرجه أحمد (2/246) من طريق سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ، وابن حبان كما في “الإحسان” (7/203) حديث (2941)، عن الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة-رضي الله عنه-.

 

([6]) الجرح والتعديل (9/410-رقم 1984). 

 

([7]) وانظر “تهذيب الكمال” (34/119) وتذهيب التهذيب (10/341) فقد نقلا أسماء شيوخ عمرو بن حماس وأسماء تلاميذه الذين ذكرهم الحافظ .

 

[8] – قد علمت مما سلف في هذا البحث كلام ابن حبان والمزي والذهبي فلا تنسه.

 

([9]) انظر “الثمر المستطاب” (1/485-486). 

 

[10] – هذا الشك في: هل قال عمر أو قال ابن الخطاب، لا في نص الحديث.

 

[11] – أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير”، حديث (486) و (487)، والروياني في “مسنده” حديث (1270).

 

[12] – انظر “تهذيب التهذيب” (4/316).

 

[13] – “الجرح والتعديل” (4/330).

 

[14] – وأخرجه مسلم في “الإمارة”، باب “كيفية بيعة النساء”، حديث (1866)، وأحمد (6/114)، وأبو داود حديث (2941)، وأبو عوانة (4/433)، كلهم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها-.

 

[15] – وأخرجه أحمد في “مسنده” (2/379)، والبزار في “مسنده” (2 / 476)، والحاكم في “المستدرك” (2/511)، كلهم من طريق الليث بن سعد عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وأحمد أيضاً في (2/349) من طريق ابْن لَهِيعَة عن عَبْد الرَّحْمَنِ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأبو داود في “سننه” حديث (2152) من طريق ابْن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، ومن طريق سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، والبغوي في “شرح السنة” (1/138) من طريق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر ، عَنِ الْعَلاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، والطحاوي في “مشكل الآثار” (1 / 94) حديث (81) من طريق ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وأبو أحمد الحاكم في “شعار أصحاب الحديث” برقم (19)من طريق الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز. 

 

[16] – أخرجه البخاري في “الطلاق” حديث (5288)، ومسلم في “الإمارة” حديث (1866).

 

[17] – كذا.

 

[18] – (2/982- 983).

 

[19] – في “سننه”، باب “ما جاء في بيعة النساء” حديث (1597).

 

[20] – في “سننه الكبرى” (7/149) حديث (4181).

 

[21] – في “سننه”، باب “بيعة النساء” حديث (2874).

 

[22] – كذا.

 

[23] – “تهذيب التهذيب” (12/401).

 

[24] – والبخاري في “الإيمان” حديث (18)، وفي “الأحكام” حديث (7213)، وفي “مناقب الأنصار” حديث (3892)، ومسلم في “الحدود” حديث (1709)، والنسائي في “البيعة” حديث (4161).

 

([25]) أخرجه أحمد (5/320) من طريق شعبة ,ومسلم في الحدود حديث (1709) من طريق هشيم ,وابن ماجه في الحدود حديث (2603) من طريق عبد الوهاب وابن أبي عدي كلهم عن خالد الحذَّاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه بنحوه . 

 

– أقول : وذكر أبي أسماء الرحبي فيه وهمٌ من بعض الرواة والصحيح ما رواه أحمد والأئمة عن أبي الأشعث وهو : شراحيل بن آدة ثقة .كما فقال الحافظ ابن حجر والحافظ الذهبي . 

 

 

[26] – في “صحيحه” حديث (7202)، وأخرجه مالك في “الموطأ” (2/982) ، وأحمد (2/139).

 

[27] – انظر “تهذيب التهذيب” (9/473-475).

 

[28] – متفق عليه، أخرجه البخاري في “الطلاق” حديث (5288)، وفي الشروط حديث (2713)، ومسلم في الإمارة، باب “كيفية بيعة النساء”، حديث (1866)، وأحمد (6/114، 153)، وأبو داود حديث (2941)، وابن ماجه حديث (2875).

 

[29] – سبق تخريجه.

 

[30] – أخرجه أحمد في “مسنده” (6/454) مطولاً , وفي (ص459) مقتصراً قوله: “إني لست أصافح النساء”، وأخرجه الطبراني في “الكبير” (2/163) حديث (417)، و (437)، و(455)، مقتصراً على عدم مصافحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء، ورواه غير الطبراني كابن سعد في “الطبقات” وأبو نعيم في “أخبار أصبهان”.

 

[31] – انظر هذه الأقوال في “تهذيب التهذيب” (4/370-371).

 

[32] – أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (24/342) حديث (854)، وفي “الأوسط” (6/217)، حديث (6229)، وأبو نعيم في “معرفة الصحابة” (6/3403) حديث (3936) .

 

[33] – (2/181).

 

[34] – هذه العبارة تعتبر من ذر الرماد في العيون، فكيف لا تحصل الفتن الشديدة في صور الاختلاط التي يدعو إليها ويؤكد الدعوة إليها هذا الكاتب؟

 

[35] – جزء من حديث رواه البخاري في “المناقب” رقم (3606)، ومسلم في “الإمارة” حديث (1847).

الرابط: https://rabee.net/?p=141

thumbnail-4
thumbnail-3
thumbnail-2