نعم، يعني رسول الله عليه الصلاة والسلام قال هذا وكلامه والله على رؤوسنا وأعيننا، وسمعنا وأطعنا لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولنا في أقواله وأفعاله وتشريعاته ومواقفه خير أسوة ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة))، لكن رسول الله الذي قال هذا مات واليهود والنصارى في جزيرة العرب، وهو معذور عليه الصلاة والسلام وبآبائنا وأمهاتنا هو عليه الصلاة والسلام، مات ودرعه مرهونة – مع الأسف الشديد والألم الشديد على رسول الله عليه الصلاة والسلام – عند يهودي، ومات واليهود في خيبر، والنصارى في نجران واليمن، وما استطاع إخراجهم، كانت فيه حاجة، في خيبر يستطيع إخراجهم لكن كانت هناك حاجة، الصحابة مشغولون بالجهاد، هل يشتغلون بالفلاحة ويتركون الجهاد؟ أو يستخدمون هؤلاء الكلاب يفلحون لهم ويكدون لهم ويتمرغون في الأوحال والتراب ويقدمون لهم ثمار خيبر، أيهما أحسن؟ وُجِدَت حاجة، وجدت حاجة فأبقاهم رسول الله عليه الصلاة والسلام مع قناعته الكاملة بأنه لابد من إخراجهم، ولكن متى؟ عندما نستغني عنهم نطردهم طرد الكلاب، فاستمرت الحاجة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ثلاث سنوات من بقية حياته وسنتين من خلافة أبي بكر، كم؟ خمس سنوات، يعني ومدة طويلة من خلافة عمر، استغنى عنهم عمر وقال لهم: اخرجوا، طرد النصارى وطرد اليهود رضي الله عنه تنفيذا لهذا الأمر، ألا نستفيد من إبقاء رسول الله عليه الصلاة والسلام للكفار في جزيرة العرب من أجل حاجة المسلمين إلى خدمتهم، ألا نستفيد من هذا أنه إذا دعت الحاجة إلى كفار يقدمون لنا عملا نحتاجه في دنيانا، يقدمون لنا خبرة صناعية نستفيدها، يجوز لأجل الحاجة أن نبقيهم، بلى نستفيد، هذا هو الفقه، هذا هو الفقه، وربما كان هذا تمهيدا لفقرة ثالثة، لأننا نعرف أن ناس يدندنون حول الاستعانة بالكفار الموجودين في الجزيرة، يحتجون بمثل هذه الأحاديث، ونحن نشكرهم على الاهتمام بهذه الأحاديث والاحتجاج بها ولكن نقول لهم الفقه، فقه الأحاديث، افقهوا، رسول الله الذي أمر بإخراجهم وقال: “لا يجتمع دينان في الجزيرة” لأجل الحاجة أبقاهم، ولما استغني عنهم في عهد عمر طردهم، نحن الآن نستخدمهم في حاجاتنا فإذا استغنينا عنهم نقول لهم: “يالله توكلوا على الله، روحوا” مثل ما فعل رسول الله والصحابة، فمن هو المتأسي برسول الله؟ فهمنا هذا، بارك الله فيكم.
[شريط بعنوان: الاعتصام بالكتاب والسنة ]