إن الإفراط في الشيء هو الغلو فيه وتجاوز الحد به، كاعتقاد اليهود في عزير أنه ابن الله، واعتقاد النصارى في عيسى -عليه السلام- أنه هو الله أو ثالث ثلاثة أو ابن الله -قبح الله الجميع-، أو اعتقاد بعض الناس في رسول الله أنه يعلم الغيب ويتصرف في الكون وأن الله -تبارك وتعالى- اشتق نوره من نوره ومن قال إن محمدا بشر فقد كفر، هذا هو الغلو والإفراط في الأشخاص، الذين يرفعون الأشخاص من درجة العبودية إلى درجة الألوهية، بارك الله فيكم، أما من يتمسك بالكتاب والسنة، فينبغي أن يشجع، وأن يلتف الناس حول كتاب ربهم وسنة نبيهم، ولا يجوز أن يصدوا عن سبيل الله بتسمية هذا التمسك تزمتا أو تطرفاالذي هو غلو وإفراط، التمسك بالسنة يا إخوتاه والتزامها يعتبر تزمتا وتطرفا؟ التزمت والتطرف هو مثل فعل الخوارج الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام: “تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم” إلى آخره، أعمالهم لا شك أنها متطرفة، فيه أنواع وأمثلة عالجها الرسول ممكن لو استمر أصحابها عليها لاعتبرت تطرفا لا تمسكا
فمثلا الرسول -عليه الصلاة والسلام- بينما هو مار إذا برجل واقف سأل الرسول عنه، قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقف في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مروه فليستظل وليقعد وليتكلم وليتم صوم“، الهالة الكبيرة هذه كلها نسجها حول الصوم، الصوم مشروع لكن هذه الإضافات -يعني- الوقوف في الشمس وعدم الاستظلال ونذر الوقوف ولا يقعد، هذا -يعني- لو استمر عليه هذا الصحابي لاشك أنه يعتبر متزمتا ومتطرفا وغاليا، لكن الصحابي هذا -إن شاء الله- رجع إلى الحق وسلك الطريق السليم.
الرسول عليه الصلاة والسلام يعني بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل وأختم القرآن في كل ليلة، فقال الرسول: بلغني أنك قلت كذا وكذا، قال: قلت هذا بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: لا تفعل، صم من الشهر ثلاثة أيام، قال: يا رسول إني أطيق أفضل من ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: صم يوما وأفطر يومين، قال: يا رسول الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوما وأفطر يوما وهذا [أكثر] الصيام صيام داود عليه السلام، قال: إن أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك، فلو أصرّ عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- على موقفه الأول ولم يأخذ برخصة الرسول -عليه الصلاة والسلام- فإنه يعتبر متزمتا ومتنطعا، لكن حاشاه من ذلك.
وأمثلة كثيرة، يعني مر الرسول عليه الصلاة والسلام في المسجد وإذا حبل ممدود، قال: ماهذا الحبل؟ قالوا: زينب تصلي فإذا فترت تعلقت به، قال عليه الصلاة والسلام: مه عليكم بما تطيقون، حلوه، فحلوه، عليه الصلاة والسلام
مر -يعني- دخل عند عائشة وإذا امرأة عندها، قال: من هذه؟ قالت: فلانة وذكرت من صلاتها، فقال: مه، افعلوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، فلو استمرت هذه المرأة على قيام الليل وصيام والنهار وكذا وكذا كانت متزمتة متطرفة، لكن وقفت عند هدي الرسول وتمسكت به فهؤلاء كلهم -إن شاء الله- متثبتون ومتمسمون بالحق وعلى الصراط المستقيم، والذي ينبزهم بالتزمت والتطرف إنما يصد عن منهج الله وعن منهج رسول الله عليه الصلاة والسلام، نسأل الله لهم التوبة ونسأل الله أن يوفق المسلمين لأن يجتمعوا على كلمة الحق وأن يحترموا سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام.
[شريط بعنوان: التكفير ومرتكب الكبيرة]