يعني لا نقول أن الجماعات كلها هكذا ولكن نقول كثير من الجماعات على النحو الذي ذكرتم من الانحراف والبعد عن منهج الله تبارك وتعالى والوقوع في البدع والضلالات القديمة والحديثة، هذا وقع فيه كثير من الجماعات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ الطائفة الناجية المنصورة التي نوه عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذه الطائفة هي على امتداد الزمان وعلى مر الدهور والعصور هي التي تقدم النصيحة للمسلمين وتبين لهم الحق الذي نزل به الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم كتابا أو سنة، وتحذر من الشرور والبدع والمناهج الضارة للأمة الإسلامية، [كذلك تنهى] عن التفرق وتدعو هذه الفرق وهذه الأحزاب إلى العودة إلى الله -تبارك وتعالى- والاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما الأسلوب في معالجة هذه الأخطار والانحرافات والفرق، فإن لكل مقام مقال ولكل ميدان رجال، وكل له مسلك خاص يتلاءم مع ما يدرك مداركه ومشاعره وما شاكل ذلك، وأنا أرى أنه لابد من استخدام الأسلوبين، أنت ليّن كما كان أبو بكر يغلب عليه اللين في أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، وهناك إلى جانبه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي يسل سيفه أحيانا، وأحيانا يواجه الإنسان بما فيه إن كان منافقا يقول منافق، على كل حال الأسلوبان قد يتطلبهما واقع هذه الفرق، فللين رجاله، وللقوة والصراحة رجالها، وعلى المسلم سواء كان لينا أو قويا أن يتحرى الأنفع بحسب الأشخاص والجماعات، [فبعضهم] لا ينفع فيه اللين وتردعه الشدة بهذا الأسلوب أو بالتعزير أو بغيره من الأساليب التي لا يرجع كثير من الناس إلا بها، وهناك أناس قد يقعون في الخطأ والانحراف عن حسن نية، ولو دُل على الحق ووُضح له بالحكمة والموعظة الحسنة قد يكون هذا أنفع لهم، وهناك ناس آخرون وقعوا في العناد والمكابرة ويُصرُّوا على رمي وقذف الناس إلى الهوة التي سقطوا، فيها فإن هؤلاء قد يستخدم معهم شيء من الوضوح وشيء من الصراحة في البيان، فإن بعض الناس قد تنفع فيه القوة إن لم تنفعه في نفسه نفعت الآخرين، حينما يبين فلان، قال في الكتاب الفلاني كذا وكذا، سب أصحاب رسول الله، فعل كذا، عطّل الصفات، وبينتَ بالحجة والبرهان ما عنده من أخطاء، قد يكون هذا أنفع للناس، ويصدهم عن الشر، ويحميهم من الوقوع فيه، بخلاف هذا الأسلوب الجيد الذي يغلب على كثير من الناس، فإن هذا قد لا يحول بين الناس وبين الوقوع في الشر الذي له دعاته ولهم دعاياتهم وشائعاتهم وأساليبهم الماكرة، فقد لا ينفع الأسلوب الضعيف وينفع الأسلوب الواضح القوي الناصح، هذا شيء معروف، ولذلك تجد السلف في مواجهة أهل البدع تجد فيها قوة وتجد فيها الوضوح، وذلك مما يحجز الناس عن الوقوع في الشر الذي وقعت فيه تلك الفرق الضالة.
وعلى كل حال نقول: لكل شخص أسلوبه ولكل شخص أيضا [طريقته] في معالجة هذه الأشياء، ونرجو الله تبارك وتعالى أن ينفع هؤلاء وأولئك بهذا الأسلوب أو ذاك، ولا يستطيع أحد أن يحدد أساليب الناس، فأساليب الصحابة تختلف وأساليبهم تختلف وأساليب الدعاة تختلف ولكل أسلوبه، وعلى كل حال [سواء الذي أراد أن يواجه] الباطل بقوة أو بلطف عليه أن يقدم الحجة والبرهان التي تبين أنه على حق وأن من ينتقده على خطأ وضلال وانحراف.
فنسأل الله أن يهيئ للدعوة السلفية رجالا أقوياء ورجالا حكماء في نفس الوقت، فالحكمة أحيانا تقتضي القوة وأحيانا تقتضي اللين، ولكل مقام مقال كما أسلفنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعلي كلمة الحق وأن ينشر المنهج الحق وأن يعلي كلمة الإسلام وأن يعافي هؤلاء الذين وقعوا في البدع ووقعوا في الانحراف سواء كانت بدع سياسية أو كانت بدع عقائدية أو عملية.
نسأل الله أن يوفق المسلمين وأن يؤلف بين قلوبهم وأن يهيئ لهم الدعاة الناصحين أقوياء كانوا أو رفقاء، كل ذلك -إن شاء الله- ينفع، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله -تبارك وتعالى- والثبات على الحق ودعوة المسلمين الذين وقعوا في هذا البعد عن الحق لما ينفعهم بصراحة ووضوح أو باللين والرفق وكل ذلك مطلوب، وهذا موجود في القرآن، القوة موجودة واللين موجود، وفي أساليب الرسول عليه الصلاة والسلام موجود هذا وذاك، فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهيئ لنا دعاة مخلصين، المهم الإخلاص والنصح في دعوة الناس إلى الله -تبارك وتعالى- وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
[شريط بعنوان: اللقاء الهاتفي الثاني 22-04-1416]