هذا الوباء الوبيل أساسه الجهل والانحراف عن رسالة الإسلام، وإلا فإن الله تبارك وتعالى اختار هذه الأمة وخاصة العرب منهم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الشرك والجهل والضلال إلى نور الإيمان كما قال الله تبارك وتعالى ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) فالمسلم الصادق عليه أن يكون ممن يأمر بالمعروف، وعلى رأس المعروف توحيد الله تبارك وتعالى، وأن ينهى عن المنكر، وعلى رأس المنكرات الشرك بالله والبدع والضلالات وتقليد أعداء الإسلام والتشبه بهم، فإن هذه تأتي في رأس المنكرات، فعلى المسلم أن يعتز بدينه وأن يعتز بالعادات الإسلامية التي تتمثل فيها الرجولة وفي نفس الوقت فيها ارتباط بالإسلام وارتباط بالله عز وجل وسير في طريق مرضاته، أما عادات الكفار، أما عقائدهم، أما أخلاقهم، فهي -والعياذ بالله- فيها الفساد وفيها التحلل وفيها الضياع وفيها ما يقود المجتمعات التي تعيش هذه الانحرافات إلى الهلاك في الدنيا والهلاك في الآخرة، فعلى المسلم أن يستقيم على منهج الله في عقيدته وعبادته وأخلاقه ويسعى في إنقاذ هؤلاء الضالين المنحرفين وينقلهم من بيئتهم الفاسدة وتقاليدهم الضالة وأخلاقهم المنحرفة إلى العقائد الإسلامية الصحيحة وإلى العبادات الإسلامية وإلى العادات الإسلامية في المأكل والمشرب والملبس، فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما ترك خيرا إلا دلنا عليه، ولا شرا إلا حذّر منه، حتى قيل لبلال أو لعمار: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، يعني كيف الإنسان حينما يأتي الغائط ماذا يعمل، قال: أجل لقد علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “إذا أتى أحدكم الغائط فلا يمسن ذكره بيمينه ولا تستنج بأقل من ثلاثة أحجار“، صحيح، الرسول علمنا كل شيء، لما تنام ماذا تقول، لما تركب الدابة ماذا تقول، تركب الطائرة الباخرة أي حاجة تركبها تقول: ((سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون))، تشتري الثوب فتلبسه تشكر الله تبارك وتعالى “الحمد لله الذي كساني هذا من غير حول ولا قوة مني” تأكل تبدأ تأكل بيمينك وتسم الله وتأكل مما يليك، جلس عمرو بن سلمة أو ابن أبي سلمة ربيب رسول الله عليه الصلاة والسلام يأكل مع رسول الله، فكانت يده تطيش في الصحفة يأكل من هنا ومن هنا فقال: “يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك“، هذا في الحاجات العادية التي ما يأبه لها الإنسان، ما ترك شيئا، علمنا كيف نصلي وكيف نزكي، كيف نوحد الله كيف نعبده كيف نطيعه كيف نراقبه كيف نذكره، الذكر المطلق الذكر المؤقت ذكر الليل ذكر النهار ذكر السفر، ما ترك شيئا إلا وعلمنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنترك هذه التعاليم العظيمة السامية ونقلد أعداء الله الذين يعادون الله ويعادون رسوله ويكفرون بالله ويكفرون برسله ويخرجون عن مناهج الأنبياء ويتبعون السبل وراء الشياطين؟ الشيطان أستاذهم، والشيطان إلههم الذي يعبدونه، فيعلمهم كل شر، ويبعدهم عن أسباب النجاة، ويبعدهم عن كل خير، ويدعوهم إلى كل شر ((إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير))، فالمسلم يجب أن يكون من حزب الله، القانتين لله، الطائعين لله، عليه بالحياء من الله تبارك وتعالى، كل الانحرافات منشؤها ضعف الحياء، “إذا لم تستح فاصنع ما شئت“، إذا توفر عنصر الحياء من الله تبارك وتعالى -وهو من الإيمان- توفر كل شيء، لأن الحياء لا يدعو إلا للخير، وقلة الحياء والوقاحة تدعو إلى الشر، وإلى تقليد أعداء الله، وإلى طاعة الشيطان، وإلى تولي أعداء الله، وإلى معاداة أولياء الله، الذي يتشبه بأعداء الإسلام -نعوذ بالله- عليه أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى، وأن يدرس الإسلام، فيجد الإسلام فيه العقائد العظيمة الصحيحة، ويدرس تعاليم الإسلام في كل الأنواع، في عباداته، في الحلال، في الحرام، في ميادين الأخلاق، يجد عظمة الإسلام، ويجد ما يفخر الإسلام، حتى إن المسلمين فتحوا الدنيا بأخلاقهم قبل أن يفتحوها بسيوفهم، وإلى قرون كثيرة والمسلمون يذهبون إلى بلدان نائية فإذا دخلوا بلدا أهله كفار، أسلموا بسبب ما يشاهدونه من استقامة هؤلاء في أخلاقهم وفي معاملاتهم، في معاملاتهم بعيدون عن الكذب وعن الغش، فتجذب هذه الأخلاق أعداء الله إلى حضيرة الإسلام، فيتحول هؤلاء إلى إتباعنا وتقليدنا والأخذ بحاجاتنا، يذكر أحد المسلمين أن بعض الشعوب نزحوا إلى هولندا، قال فاستقبلناهم استقبال الفاتحين لنأخذ منهم الإسلام، فما مرت عليهم أيام قلائل إلا وبنا نكره الإسلام، لماذا؟ لأن هؤلاء شوّهوا الإسلام، يريدون أن يأخذوا من الكفار ما يريدون أن يعطوهم، فجاء بعض المسلمين الطيبين، قالوا والله لو سبق أمثالكم إلى هذه البلد لكانوا اعتنقوا الإسلام، فهؤلاء بتقليدهم لأعداء الله يعطون صورة مشوّهة عن الإسلام وينفرّون عن الإسلام بدل أن يجروا الناس إلى الإسلام، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يبصّرنا ويبصّر شبابنا لإدراك مكانة الإسلام وقيمة الإسلام، عبادات وعقائد وأخلاقا، حتى يكونوا دعاة إلى الله بأقوالهم، بل بأفعالهم قبل أقوالهم.
[شريط بعنوان: لقاء مع الشيخ في مسجد الخير]