أنا ضربت أمثلة كثيرة من إطلاقات البخاري, وأنّه يطلقه إطلاقا لغوياً لا إطلاقا اصطلاحيا, البخاري والإمام أحمد وعليّ بن المديني.
ولعلّكم تذكرون أنّ الحافظ ابن حجر -رحمه الله- قال: أمّا أحمد ومن قبله فلم يظهر لي قصدهم من هذا الإطلاق، وأمّا أبو حاتم وعليّ بن المديني والترمذي ويعقوب بن شيبة فهؤلاء يريدون به المعنى الاصطلاحي, فهذا نفعنا شيئا ما, ولكن ليس على إطلاقه كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- وأنا بينت.
قال – يعني ابن حجر – : قال ابن المديني هذا في المسند, أنا بينت أنّ هذا المسند لم تره العيون, وأنّ عليّ ابن المديني -رحمه الله- جمعه ووضعه في قمطر كما يقول، وذهب إلى اليمن إلى عبد الرزاق ثم عاد إلى وطنه وجاء إلى القمطر يريد المسند فإذا به طينة فما استطاع أن يعيده, فإطلاقات علي ابن المديني هي إطلاقات لغوية.
وما استفيد منه والإطلاقات التي أطلقها تلقّاها عنه تلاميذه, ومنهم البخاري فظنّ الحافظ -رحمه الله- أنّ هذه مأخوذة من المسند, أنا رجعت إلى فهرست ابن حجر “المعجم المفهرس” الذي يذكر فيه الكتب المصنفة التي يرويها بأسانيده من كتب الرجال والمتون والعلل والموضوعات … والخ, فرجعت إلى هذا الكتاب لعلّي أجد في مرويات هذا الكتاب العلل والمسند مرويات الحافظ، فلم أجد لهما ذكرا, ولو كان رواهما عن شيوخه لاعتزّ بهما وقدمهما على غيرهما، لا سيما كتاب العلل لعلي ابن المديني, فأنا أعتقد أنّ الحافظ ابن حجر ينقل كلام وأحكام علي ابن المديني من كتب تلاميذ علي ابن المديني، ومن أخذ عنه، ولم ير لا المسند ولا العلل, ولوكان رآهما ورواهما لجعلهما في طليعة المسانيد، وفي طليعة كتب العلل، لكن لا ذكر لهما ورجعت إلى فهرست ابن خير – بارك الله فيكم – وأظنّ أنّه أخذ عن أبي طاهر السلفي, أخذ عنه جزء من العلل، أجازه في جزء من العلل, هذا الذي أظنّه أمّا المسند فلا ذكر له في فهرست ابن خير، و بحثت في عدد من الفهارس فلم أجد ذكرا لهذا الكتاب.
فكلام الحافظ ابن حجر، وكلام أبي غدّة، وعوّامة، وما ينسبونه إلى علي ابن المديني و إلى… وإلى…،لا دليل عليه, أنا وجدت جزءً من العلل، وبيّنت أنّ علي ابن المديني يطلق الحسن إطلاقا لغويا، وبينت هذا بالأدلة, أمّا المسند فلم أره، ولم يره مَن قبلي, العلل ما وجدنا منها إلاّ جزءً وليس الأمر كما نسب إليه أبو غدّة و محمد عوّامة وبيّنت ذلك بالأدلة, يعقوب ابن شيبة وجدنا له جزءً من مسنده, مسند عمر ونسبوا إليه أنّه يطلق الحسن إطلاقا اصطلاحيا، ونسبوا ذلك إلى مالك أيضا، وإلى …وإلى … وإلى مَن قبلهم، فبينّا أن يعقوب ابن شيبة يطلق الحسن إطلاقا لغويا, وشيخه ابن المديني كذلك، والبخاري مِن أقرانه أو دونه في السن قليلا,كلّ هؤلاء يطلقون الحسن إطلاقا لغويا، ومَن قبلهم يطلقونه إطلاقا لغويا، وضربنا الأمثلة عن الجميع من إبراهيم التيمي إلى شعبة إلى مالك إلى غيرهم إلى أبي حاتم إلى أبي زرعة, بينّا بالأدلة أنهم يطلقون الحسن إطلاقا لغويا لا إطلاقا اصطلاحيا, واقرؤوا في هذا الكتاب الذي أشرت إليه ذكرته لكم ” تقسيم الحديث إلى حسن وصحيح وضعيف بين المحدثين ومغالطات المتعصبين”.
[أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث (الحلقة الأولى)]