هناك فرق بين شرط البخاري وشرط مسلم, هذا بالاستقراء, باستقراء عمل البخاري وكتابته في التأريخ تبين لهم أنّ البخاري يشترط ثبوت السماع وسماع الراوي عن شيخه, لابدّ أن يكون السماع واللقاء ولو مرة واحدة، فإذا ثبت سماعه كان الأصل في كل ما يرويه عن شيخه السماع, يكفي هذا ما لم يكن مدلسا, إذا كان مدلسا فيستوي فيه البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث، إذا كان مدلسا وجاء بصيغة تحتمل السماع وعدم السماع مثل : “قال” و”أنّ” و”عن” وما شاكل ذلك وهو مدلس فلا نقبل روايته حتى نجد منه تصريحا بالسماع والتحديث.
الشاهد أن المسألة الناس ينفخون فيها نسأل الله العافية, مسلم حكى الإجماع حسب اجتهاده على أنّه إذا كان المحدث غير مدلس وعاصر شيخه وأمكن لقاؤه لشيخه، فإنّ هذا يُكتفى منه بما يرويه عن شيخه بالعنعنة, يكتفى عنه بهذا, والأصل فيه أنّه سمع من شيخه وإن لم يثبت لنا بالنص أنّه لقي شيخه وسمع منه لكن عاصره وأمكن لقاءه وهو غير مدلس, هذه الأمور كما يحكي مسلم كان العلماء يقبلون ما هذا شأنه ولم يشترطوا ثبوت اللقاء فيه, و إذا درست للبخاري ولأبي حاتم وأحمد ابن حنبل وغيرهم تجدهم ينصّون: فلان لم يسمع من فلان, فلان لم يلق فلانا, فلان لم …الخ، وهكذا ممّا يدلّ -والله أعلم- على أنّهم يشترطون ثبوت اللقاء ولكن كما يقول الشيخ الألباني هذا شرط كمال وليس هو شرط صحّة, شرط كمال فيه يكون أكمل وأقوى إذا ثبت لنا سماعه من شيخه وآخر غير مدلس وروى عن شيخه بالعنعنة وهو معاصر له وأمكن لقاؤه هذا صحيح وهذا صحيح, لكن شرط البخاري أمكن وأقوى، ولكنّه لا يشترط فيه -يعني- وجوب ثبوت اللقاء.
[أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث (الحلقة الأولى)]