هذا في صحيح مسلم، حديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، يعني حضره ابنه وبعض الناس وكان قد اتجه إلى جدار البيت، ولى ظهره، وشرع يبكي، فقال له ابنه عبد الله بن عمرو: يا أبت الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيك خيرا وقال كذا وكذا وقال كذا وكذا، فتكلم وقال: رأيتني وأنا على أحوال ثلاث، الأولى: أني كنت أشد الناس بغضا لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ولو تمكنت من قتله لقتلته، والحالة الثانية: أنني هداني الله عز وجل فأسلمت، فكان رسول الله أحب الناس إلي، وكنت لا أطيق النظر إلى وجهه إجلالا له عليه الصلاة والسلام، الحالة الثالثة: لا أدري ما حالي فيها وهو أننا ولينا من أمرنا شيئا لا أدري ما حالي فيها، رضي الله عنه، فيؤخذ من هذا الحديث أن ما جرى بينه وبين علي وبين غيره، أمرا كان مجتهدا فيه، رضي الله عنه، وأنه ما تعمد فيه شرا، ولو كان تعمد فيه شرا لذكره في هذه الحال، لأنها لا شك حال سيئة، تعمد شرا، ولكن قال: لا أدري ما حالي فيها، هذا دليل أنه ما كان متعمدا للشبهة التي ينسبها له الروافض ومن شاكلهم من أهل الفتن من أن هؤلاء معاوية وعمرو يريدون الفتن، وأنهم فعلوا وفعلوا وقتلوا علي إلى آخر ما ذكروه فيه، رضي الله عنه.
الشاهد أنه تحدث عن نفسه وقال: فادفنوني، وقال فسلوا عليّ التراب سلا وقفوا عند قبري بمقدار ما تنحر الجزور، حتى أنظر ما أراجع به رسل ربي، أو كما قال رضي الله عنه.
[شريط بعنوان: إزالة الإلباس عما اشتبه في أذهان الناس]