[ابن عساكر] يرد على أبي الحسن الأشعري، والله أعلم يرد عليه مذهبه الأول، قبل أن يرجع إلى مذهب أهل السنة، -يعني- بعض الناس يشككون في توبة أبي الحسن الأشعري ورجوعه، ونحن ليس لنا إلا الظاهر، ليس لنا إلا الظاهر، هو كتب -رحمه الله-، كان في الاعتزال أربعين سنة، وكان من كبار الذّابين عن مذهب الاعتزال، ثم وفقه الله للتوبة، وأعلن توبته على الملأ، وسجّل نقض وهدم مذاهب المعتزلة والجهمية في عدد من الكتب منها الإبانة، ومنها المقالات، ومنها الموجز، لكن الأشاعرة – مع الأسف الشديد- ما أخذوا بهذه الكتب التي عاد فيها إلى مذهب أهل السنة والجماعة، بقوا على المرحلة الثانية، المرحلة الأولى الاعتزال، المرحلة الثانية على طريقة ابن كُلاَّب، مذهب وسط بين الاعتزال والسنة، ثم انتقل نقلة أخرى إلى منهج أهل السنة والجماعة، وسجّل فيها هذه الكتب، رحمه الله، ومنها الإبانة، وإن كان بقي عليه بعض الفلتات في قضايا الإيمان، في قضايا الإيمان تأثر بمذهب المرجئة، وليس له شيء يدل على خروجه منه، أما باقي العقائد فإنه سار فيها، في الصفات، وفي عذاب القبر، وفي الصراط، والجنة والنار، وأشياء كثيرة، رجع فيها إلى مذهب أهل السنة والجماعة، والأشاعرة متأثرين بعلم الكلام، بقوا على مذهبهم المتوسط، المذهب الثاني، مذهب ابن كُلاَّب، ولم ينتقلوا مع الأسف إلى مذهبه الجديد، وأخذ الباقلاني وعدد من كبار أتباعه، أخذوا بشيء من مذهبه الجديد، مثل الإيمان بالاستواء على العرش، والرضا والغضب، -يعني بارك الله فيك-، الصفات الخبرية، والوجه واليدين، أخذوا بمذهبه الأخير الذي كان على أهل السنة ، وبقيت عليهم بقايا، وبعضهم جمدوا على المذهب هذا وفيه تجهم، الذي يسيرون عليه الآن ليس مذهب أبي الحسن الأشعري، هذا قد تركه، قد تركه لكن مع الأسف بقوا على هذا المذهب المضطرب، كما يقال: رجل مع المعتزلة ورجل مع أهل السنة، ماسكين وسط العصا مع الأسف الشديد، ويزعمون أنهم أهل السنة، وهم عندهم تجهم واعتزال شديد، ينكرون علو الله على عرشه، ونزوله، ورضاه، وغضبه، إلى آخره، بارك الله فيكم.
فابن عساكر، الأخير، رحمه الله، شدد على أبي الحسن الأشعري، تكلم عليه، والله أعلم أنه حاسبه على المذهب الثاني، على الاعتزال، وهذا ما قرأته، مخطوطة، ولم أقرأه، قرأت منه شيئا، فوجدت كلامه يختلف عن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، شيخ الإسلام ابن تيمية سلّم برجوعه، وكثير من أهل السنة يسلمون برجوعه، ونتمنى أن الأشاعرة على المذهب الأخير، وقد قسم شيخ الإسلام ابن تيمية الجهمية إلى ثلاثة أقسام:
الجهمية الأصلية الأولى
والجهمية الثانية: المعتزلة
والجهمية الثالثة: الأشاعرة، وقال: من أخذ من الأشاعرة بذهب أبي الحسن الأخير الذي قرره في كتابه “الإبانة” فهو من أهل السنة، شريطة ألا ينتسب إلى أبي الحسن، ينتسب إلى أهل السنة والجماعة، فإن الانتساب إلى شخص فيه مفسدة، فأهل السنة لا ينتسبون إلا للكتاب والسنة، لا ينتسبون إلى فلان وفلان، ويحاولوا أن يرمونا بهذه الألقاب، وهابية، جامي، فلان… هذا كذب، نحن دعاة إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله، ونسمي أنفسنا أهل الحديث، نسبة إلى أهل الحديث، ونسمي أنفسنا أهل السنة، ولا نقول، لا جامية، ولا بازية، ولا ألبانية، ولا ربيعية، ولا ولا ولا…، وهذه من الأكاذيب، والذي ينسب أهل السنة إلى فلان وفلان فقد ظلم وافترى، لأن – إن شاء الله- أهل السنة لا ينتسبون إلا لكتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ويحترمون العلماء لأنهم تمسكوا بكتاب الله وسنة الرسول، لا لذوات أنفسهم، ومن خالف من العلماء منهج أهل السنة والجماعة، لا يرفعون لمخالفته هذه رأسا، إن كانت من المخالفات التي يعذر فيها عذروه، وإن كانت من المخالفات التي يتّبع فيها هواه ويعاند، [ينسبونه]، بارك الله فيكم
. [شريط بعنوان: لقاء مفتوح 4-2-2005]