بيننا وبينكم كتاب الله وسنّة رسول الله وتطبيق عمل السّلف الصّالح، وقد كرّرنا هذا كثيراً وبيّنّاه لهم وأسقطنا ما يتعلّقون به من الاستدلالات- لا تقول من الأدلّة- فالأدلّة موجودة في الكتاب والسنّة لنصرة كلمة الله تبارك وتعالى وإهانة أهل الضّلال من أهل الكفر والانحرافات.
فهم يحرّفون بعض النّصوص ويقولون: أدلّة من الكتاب والسنّة، وإنّما هو من اتّباع المتشابه وقد قال الله في أهل الزّيغ: ( فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ).
والقرآن مليء بالنّقد المرّ لأهل الكفر وأهل الفسوق وليس هناك موازنات، السنّة مليئة بهذا وليس هناك موازنات.
وقد فقه السّلف الصّالح هذا المنهج، فطبّقوه على أهل البدع وعلى أهل الرّوايات بدون الموازنات، وخصّصوا كتباً للجرح فقط، وهي كثيرة وعلى رأسها “كتاب الضّعفاء” للبخاري أمير المؤمنين في الحديث وفي الفقه أيضاً رحمه الله بعد أحمد ابن حنبل.
وطبّقه النّسائيّ وهو في مرتبة تقرب من مرتبة الإمام البخاري في الفقه في الدّين وفي التّضلّع في علوم الحديث.
والعقَيْليّ وابن عديّ وابن حبّان وكثير خصّصوا كتباً في الجرح، وخصّصوا كتباً في الثّقات فإذا خصّصوا في الثّقات فما فيه موازنات، وإذا خصّصوا كتباً في الجرح فما فيه موازنات.
والكتب المشتركة بين الجرح والتعديل تقول لك: فلان ثقة وفلان كذاب وفلان لا يساوي شيئا وفلان لا يساوي فلسا، وإلى جانبه فلان حافظ ثقة متقن بدون ذكر المساوئ والمثالب.
لا شك كما قلنا وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- وقال غيرنا: إن منهج الموازنات بدعة، وأنا أضيف فأقول: بدعة لا أخطر منها، لا أخطر من هذه البدعة لأن مؤدّاها-وإن كان أهلها لا يدركون ما تؤدّي إليه- أنها تهدم الإسلام، ومؤدّاها أنك تفتح باب المطالبة من الشيوعيين واليهود والنصارى والعلمانيين أن يطالبونا بالموازنات إذا نحن جرحناهم.
لأنهم احتجوا بآيات في الخمر، وأحاديث في الشياطين، وآيات في الكفار الوثنيين، وآيات في اليهود والنصارى، وقالوا هذه تدلّ على الموازنات، والإسلام قد أعطى هذه الأوصاف حقّها من العدل والموازنات.
فنحن الآن إذا انتقدنا يهوديّا مثل رئيس اليهود “بنيامين نتنياهو” وانتقدنا الحاخامات، قالوا لنا: إنكم تدّعون أن الإسلام يوازن لماذا ما تذكرون حسناتنا؟!.
ويلزم من يتكلم في أي شخص أن يحصي حسناته وسيئاته ويضع هذه في كفة وهذه في كفة حتى يتمّ العدل.
عرفتم، وهل يطيق هذا أحد، هذا ليس إلا لله رب العالمين.
ونحن إذا انتقدنا مبتدعا إنما هو للنصيحة، ليحذر الناس من هذا الشّر.
لأن الله ما كلفنا بإحصاء حسناته لأن الله هو الذي يتولى إحصاء الحسنات والسيئات ويزن يوم القيامة ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ).
هذا ليس إلا لله، نحن لا يكلفنا الله إلا بما نطيق، والتكليف بمنهج الموازنات تكليف بما لا يطاق، لا يطيقه حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قال تعالى ذاكراً قول عيسى عليه الصلاة والسلام ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفّيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ).
والرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم أخطاء الناس، وحسناتهم وسيئاتهم ويحصيها ولا كلف بهذا فيقول: “بئس خطيب القوم أنت” فما كان الصحابة يقولون له: أما له حسنات يارسول الله؟!.
فالشاهد: أن هذا منهج باطل، وأهدافه خسيسة، ومن أحطّها لحماية البدع وحماية الضلال، وحماية أهل الباطل.
وهذا ما يمكن أن نقوله وارجعوا إلى كتابي “منهج النقد” و”الحجة”، “والنصر العزيز” لرد هذه الشبهات.
[الأجوبة على أسئلة أبي رواحة المنهجية]