بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
فإجابة على هذا السؤال نقول: إن الإسلام قد اعتنى بالمرأة عناية فائقة، والذي كلف بالعمل وكسب الرزق عُلِمَ أنه بذلك زوجها أو ولي أمرها من أخ أو أب وما شاكل ذلك، المرأة مكفولة في الإسلام، ولا تخرج للعمل إلا إذا لم يكن هناك من يكفلها، إذا وجد من يكفلها فإن الله قد أكرمها بأن تلزم بيتها وتقر فيه، كما قال تبارك وتعالى: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى))، وإذا اضطرت إلى العمل فتعمل في ميدان النساء لا في ميادين الرجال، كتطبيب النساء، وكالتدريس في المدارس التي تخصص للنساء، والأمر واضح في الإسلام أن الله قد حرم الاختلاط، الاختلاط بين الجنسين وخلو الرجل بالمرأة فلا يجوز لها أو لا يجوز لرجل أن يخلو بامرأة إلا ومعها ذو محرم، فلا تسافر إلا مع ذي محرم، وكل ذلك حفاظا على شرف المرأة وكرامتها وحفاظا على عفتها ونزاهتها من أن يتقرب إليها الفساد الذي يمس كرامتها، فأمَرَهَا أن تقر في بيتها، وأمَرَهَا بالحجاب، وأمر الجنسين بغض البصر ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن… )) إلى آخر الآيات التي [في] مثل هذا المجتمع، المحارم تختلط بمحارمها، هناك فرق أيضا في الاختلاط بينها وبين زوجها وبينها وبين أقاربها، فلا يجوز هذا العمل المختلط الذي قلَّد فيه المسلمون الكفارَ من اليهود والنصارى، وهذا من الأدواء التي تسربت للمسلمين وحذّر منها رسول الله عليه الصلاة والسلام فنهاهم عن التشبه بالأعداء فقال على سبيل الذم: “لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه“.
الشاهد أنه لا يجوز العمل المختلط، الذي يختلط فيه الرجل والنساء، فتكون المرأة شريكة الرجل في ميدانه وزميلته، [يغدق] عليها بالكلام السيئ والمغازلة، وما يترتب على ذلك من الاختلاط، فإنه إذا تم هذا الاختلاط غير المشروع، فلابد أن يحصل من المغازلة ومن ميل المرأة للرجل وضعفها أمامه، خاصة إذا كانت تحت إمرته وتحت مسؤوليته أو احتاجت إليه للمساعدة في العمل وما شاكل ذلك، فالإسلام سد الذرائع التي تؤدي إلى الفساد والتي تخل بشرف المرأة وكرامتها، والتي تفسد كلا من الرجل والمرأة، بالإضافة إلى أن العمل أساسا للمرأة إنما هو في البيت من تربية الأولاد ورعاية شؤون الأسرة والحفاظ على مال الرجل، وتربية أولاده تربية إسلامية، فالخروج من المنزل وتخلي المرأة عن عملها الأساسي التي فطرها الله عليه وهيأها للقيام به، في الوقت الذي يعجز الرجل عن القيام بعمل المرأة فإن عمل المرأة عزيز وشاق ولا أقولها مجاملة: إن الرجل لا يستطيع أن يقوم بأعمال المرأة، فكيف نكلفها بهذه الأعباء التي هيأها الله تبارك وتعالى لها وأعدها لها إعدادا ثم نزيد إليها أعمالا أخرى، فإما أن تهمل واجباتها الأساسية التي خلقت لأجلها وهيئت لأجلها، وعلى كل حال إذا كان لابد للمرأة من عمل فيكون في [ميدان] لا اختلاط فيه بين الرجال والنساء، [قد تكون هناك مجالات خاصة]، كما حصل عندنا ولله الحمد هناك فصل بين الذكور والإناث في المدارس في المراحل الإبتدائية إلى المتوسطات إلى الثانويات إلى الجامعات، فينبغي لولاة أمر المسلمين في العالم الإسلامي أن يجتهدوا في الحفاظ على شرف المرأة، وإبعاد الأمة الإسلامية عن الفساد الذي وقع فيه أهل الغرب ثم بعد ما تورطوا فيه أصبح كثير من [عقلائهم يشتكون] من الفساد الذي يترتب على اختلاط الجنسين، وكم من كاتب وكاتب من الغرب قد تألموا أشد الألم من واقعهم السيئ وواقعهم المرير والفساد الذريع الذي يترتب على اختلاط الجنسين، وعلى إهمال المرأة لشؤون بيتها ومشاركتها للرجل في ميادينه الخاصة وإهمال الميدان الأساسي التي هيئت له، وكم صاحوا وطالبوا بأن تعود المرأة إلى بيتها وإلى خدرها لما أدركوا الفساد، فينبغي للمسلمين أن يتنبهوا لهذه المفاسد التي تفسد الأخلاق وتهدم الأمة، فليتنبهوا لها قبل أن يصلوا إلى ما وصل إليه الغرب من الانحراف الشنيع والفساد الذريع، ونسأل الله أن يوفق المسلمين لاحترام تعاليم الإسلام واحترام شرف الرجولة واحترام شرف الأنوثة أيضا في نفس الوقت، هذا ما يمكن أن أقوله إجابة على هذا السؤال.
[شريط بعنوان: اللقاء الهاتفي الثاني 22-04-1416]