والله في الغالب أن هؤلاء الذين يهتمون بهذه الأشرطة، أشرطة الوعاظ الذين أنا أعتبرهم جسورا لأهل البدع وللأحزاب، فينفذ أهل البدع والأحزاب جسورا من هؤلاء، يتصيدون بهم الشباب، فيبدؤون بالمواعظ وبالبكاء وبالخشوع، يتظاهرون به أمام الشباب حتى إذا اطمأنوا إليهم وركنوا إليهم قذفوا في نفوسهم الشبهات ودفعوا بهم إلى من كلفهم بتصيد الشباب، ولهذا ترى هؤلاء الوعاظ على صلة وثيقة إما بالأحزاب الضالة وإما بالطوائف الهالكة لا تجد منهم إلا النادر من السلفيين، ولا تجد لهم علاقة بالسلفيين، بل هم يغمزون ويلمزون في السلفيين، ويحذرون من سلوك منهجهم، يرمونهم بالتشدد ويرمونهم بالبوائق وإلى آخره، ويسهلون للناس سبل الوقوع في أحضان أهل البدع، فأنا أنصح الشباب السلفي وغيرهم بالاهتمام بالعلم الصحيح والمنهج السلفي الصحيح، فإن أرادوا المواعظ فوالله في كتاب الله، وإن أرادوا العلم ففي كتاب الله، وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد كان رسول الله يعظ موعظة، [فيها عبرة لأولي الألباب] فتجل القلوب وتذرف العيون، وأحيانا يبكون ولهم خنين، فوالله لمن يقرأ في مثل (رياض الصالحين) ليجدن في بعضه الغنى الكافي الشافي من سنة رسول الله عن هؤلاء، وعن مواعظهم الممزوجة بالبدع والممزوجة بالخرافات والممزوجة بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، لأن هؤلاء الوعاظ ليسوا بعلماء، وقد كان السلف يحتقرون هؤلاء القصاص، ويحذرون منهم، ويبلون عليهم الكذب، مع الأسف، على كل حال منهج السلف واضح، وننصح الشباب إن أرادوا العظة والعبرة ففي كتاب الله -والله- العظات وفي سنة رسول الله العظات والعبر، وقد سئل أبو حاتم عن كتب الحارث المحاسبي -وكان أعلم وأتقى وأزهد من هؤلاء الوعاظ وكان أبعد عن البدع من هؤلاء، وجد في كلامه شيء من التصوف الذي لا تخلوا منه مواعظ هؤلاء- سألوا أبا زرعة الإمام العظيم الكبير إمام السنة عن كتب الحارث، فقال: دعوها فإنها كتب ضلالة وبدع، قالوا: إن فيها عبرة، قال: من لم يعتبر بكتاب الله فليس له فيها عبرة، فهذا منهج السلف يا إخوتاه، وقد حذّروا من كتب أهل البدع والنظر فيها، وحذّروا من الكلام المعروف لأنه بدع وضلالات، فعليكم بكتاب الله وسنة الرسول ومنهج السلف الصالح، ووالله إن الذي يركن إلى هؤلاء ليكونن مآله الانحراف، والسعيد من وعظ بغيره، فاعتبروا يا أولي الأبصار بمن انحرف من الشباب الذين كانوا على منهج السلف، فآلت بهم التأويلات الفاسدة والدعايات الباطلة إلى أن يصبحوا من ألد خصوم أهل السنة، أعاذنا الله وإياكم من هذا المصير المظلم، إن ربنا لسميع الدعاء، ونكتفي بهذا القدر، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا وإياكم على الصراط المستقيم، وأن يوفقنا إلى الاعتصام بحبله، إن ربنا لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[شريط بعنوان: الاعتصام بالكتاب والسنة 6-2-1423]