والله على سَنَن هذا الاعتراض على قراءة البخاري الاعتراض على القرآن، لأنّ هذا – بارك الله فيك- أكثر الناس حتى من طلاب العلم لا يعرفون الناسخ والمنسوخ من القرآن، فإذا كان عدم معرفة الناسخ والمنسوخ في الحديث تمنع من قراءة كتب السنة وعلى رأسها البخاري فكذلك أيضا هذه العلة تمنع من قراءة القرآن, هذا كلام فارغ، يقرأ في البخاري، والأصل في الأحاديث أنّها محكمة – ولله الحمد- فكلّ حديث ينسب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلَّم وصلك إذا عندك عالم اسأله عنه, ما عندك, الأصل في الحديث العام العموم, والحديث المطلق الأصل فيه الإطلاق, والحديث الذي تخاف أن يكون منسوخا الأصل فيه الإحكام حتى يتبين الناسخ ويتبين المقيد ويتبين المخصص, لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها.
وقد كان الصحابة يَصِل بعضهم الحديث فيقضي، فيعمل به بمقتضى إطلاقه أو عمومه أو -يعني- الأصل، أنّه غير منسوخ, وقد يعمل به، والواقع أنه منسوخ، وهو لم يعرفه، ويكون غيره عرف النسخ، ولا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها.
على كلّ حال، طالب العلم عليه أن يتحرك، وإذا لم يمكنه أن يعرف الناسخ والمنسوخ فلا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها, إذا اجتهد وعمل بالمنسوخ وهو لا يعلم وهذا حسب اجتهاده فلا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها, سأل العلماء ما وجد إجابة، بحث في الكتب ما وجد إجابة، فالأصل فيها الإحكام.
على كل حال هذا من التنفير عن السنة, هذا الكلام من التنفير عن سنّة الرسول صلّى الله عليه وسلَّم بأسلوب مؤدب، فنحن نطلب من شبابنا أن يقرؤوا البخاري، وإذا استطاعوا أن يحفظوه بأسانيده فجزاهم الله خيرا، وأن يقرؤوا صحيح مسلم وأبا داود والنسائي وابن ماجة، وإن استطاعوا حفظ هذه الكتب، فإنّ هذه ثروة عظيمة للإسلام والمسلمين.
[أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث (الحلقة الأولى)]