السلف -رضي الله عنهم- كما يحكي عنهم البغوي والإمام الصابوني وأئمة الإسلام أجمعوا على بغض أهل البدع وهجرانهم ومقاطعتهم فارجعوا إلى هذا الكلام في “اعتقاد أهل السنة” للصابوني وارجعوا إليه في كتاب “شرح السنة” الجزء الأول للإمام البغوي، ونقل بعد هذه الجملة أقوال مالك وغيره وغيره من أئمة الإسلام، أهل البدع -طبعا- بعد النصيحة لهم، وإن كان قد بلغ في البدعة شخص -بارك الله فيك- لكن تغير شيئا قليلا وأذهان الناس شديدة وطباعهم باردة وفيها شيء من الضعف والبغض -والعياذ بالله- تحتاج إلى نصيحة أولا، بل أحمد قال [له رجل] إذا رأيت رجلا يتردد على صاحب بدعة فماذا أصنع؟ قال: انصحه، قال: فإن أبى وأصر؟ قال: ألحقه به، فأنت انصحه، هذا الذي يتردد على مبتدع أو يأخذ عن مبتدع أو يقرأ في كتاب أهل البدع انصحه، فإن قبل وإلا فألحقه بأهل البدع، ثم بعد ذلك -بارك الله فيكم-، هذا عمل السلف، ابن تيمية يقول الأحسن تنصحه، وأنا أنبهكم كيف يستغل الناس كلام ابن تيمية هذا، هل ابن تيمية لما يذكر مراعاة المصالح والمفاسد هل يذكر لمصلحتك أنت المسكين الذي يمكن أن ترتمي في أحضان أهل البدع إذا خالفته؟ هل ابن تيمية يقول هذا أم لا؟، هؤلاء يتعلقون بكلام ابن تيمية في مراعاة المصالح والمفاسد ويهملون مصلحة الشباب الذين وقع كثير منهم في أحضان أهل البدع، فيجب أن نراعي في المفاسد والمصالح أول شيء مصلحتك أنت أيها الشاب، هل من مصلحتك أن تخالط أهل البدع؟ نستخدم هنا قاعدة سد الذرائع، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، يعني لا مصلحة في الاختلاط بأهل البدع إلا أن تنصحهم وتبين لهم الحق، أما أن تجالسهم وتضاحكهم وتتخذ منهم أخدانا وأخلاء بل يصل بك الأمر إلى موالاتهم ومعاداة أهل السنة فهذا هو الضلال البعيد الذي يقع فيه كثير من الناس، يجره الشيطان بحبل التسامح وبحبل المصلحة فيرتمي في النهاية في أحضان أهل البدع ثم ينقلب خصما لدودا على أهل السنة، فأنا أقول تراعى المصالح والمفاسد أولا في مصلحة نفسك، أنت تعرف شخصك، تعرف مدى ثباتك على الحق واحترامك له، ثم ماذا تريد من مخالطتك لأهل البدع؟ هل تريد المصلحة أو تريد الاستفادة منهم؟ إن كنت تريد الاستفادة منهم فاتهم نفسك الضعيفة [وأبعدها]، وإن كنت ترى عندك القدرة والقوة على نصحهم والتأثير فيهم وردهم من الباطل إلى الحق فاختلط بهم على هذا الأساس لنصحهم فقط، سرا وعلانية، لا للضحك ولا للأكل ولا للشرب ولا لشيء مما يسخط الله -تبارك وتعالى- أو يؤدي بك إلى أن تقع في الضلال أو تقع في البدع.
فهجران أهل البدع أصل أصيل عند أهل السنة ساروا عليه، وابن تيمية رأى مراعاة المصالح والمفاسد، لكن استغلها من يريد أن يجر شباب الأمة الذين ينفع الله بهم الإسلام ويرفع بهم [رايته]، أراد أن يجرهم إلى أهل البدع فاستخدم هذه القاعدة أسوأ استخدام واستغلها أسوأ استغلال، فذهب كثير من الناس فوقعوا في أحضان أهل البدع وضحايا لأهل البدع باسم مراعاة المصلحة التي لا يحسنون مراعاتها والتي يهمل فيها مصلحة هذا المسكين الذي يدفع إلى هوة الباطل والضلال، وقد وقع كثير بهذا السبب وبسبب القاعدة الثانية عندهم “نقرأ كتب أهل البدع أو كتب المفكرين فما كان حسنا أخذناه وما كان باطلا تركناه” يأتي هذا المسكين ما عنده خلفية صحيحة، ما عنده فهم لمنهج السلف، ما عنده فهم لضوابط السلف وقواعدهم وأصولهم، مسكين ماش في أول الطريق، فيذهب يقرأ وهو لا يميز بين الحق والباطل فيقرأ الباطل ويظنه الحق، ويقرأ الحق ويظنه الباطل،…،فأيضا على الطالب أن يحذر كتب أهل البدع والكتب التي فيها شبهات، يجب أن يحذرها حتى يتمكن من مذهب السلف، فإن آنس من نفسه رشدا وثباتا وقدرة على الإطلاع على هذه الكتب ونقد ما فيها من باطل، وتقديم هذا النقد نصحا للأمة فليتفضل، إذا كان يأنس من نفسه ضعفا ولو بلغ مهما بلغ من العلم ويشعر بالضعف فلا يقربنها، لأننا جربنا كثيرا في السابق واللاحق ممن انخدع بكتب أهل البدع أو بشخصيات أهل البدع فوقع في حمأة أهل البدع، والتاريخ يشهد بهذا، فأبو ذر الهروي كان من أهل الحديث فمدح له شخص من أئمة الأشعرية فتعلق به فضاع، عبد الرزاق خدع بجعفر بن سليمان الضبعي فأوقعه في التشيع، في هذا العصر لدينا أمثلة، لا أريد أن أسمي، لا أريد أن أجرح مشاعرهم، مشوا مع أهل البدع فارتموا في أحضانهم وصاروا من جنودهم، فإن كنت تعرف نفسك، تأنس من نفسك كما قلنا رشدا وقوة على دحض الباطل ومقارعة الباطل وقرع الباطل فاقرأ، بإمكانك تفيد الأمة، لا تقرأ في كتب أهل البدع لتستفيد فإن الحق -ولله الحمد- موجود في كتب أهل السنة والجماعة لا نستطيع استيعاب هذا الحق من كتب أهل السنة والجماعة، ووقتنا لا يتسع لدراسة كتب أهل السنة، فمتى وجد الفراغ حتى نحتاج لكتب أهل الشبهات وأهل الشهوات وأهل البدع وأهل الضلال، ونحن ما استقصينا ولا عشر معشار كتب السلف الصالح الذي توضح كتاب الله وسنة الرسول ومنهج السلف الصالح.
[شريط بعنوان: معاملة أهل البدع]