الظاهر أن هذا الوعد العظيم وهو غفران ذنوب من حج بيت الله، وأن الحج يجب ما قبله، هذا فيما بينه وبين الله مهما بلغت ذنوبه، يغفرها الله، فيما بينه وبين الله عز وجل، وكذلك تحتاج الأمور التي بينه وبين الله إلى التوبة منها،…، لابد من ضميمة التوبة إلى هذا [الوعد] الصادق، لأنه إذا حج وهو مصر على الكبائر فإن حجه غير مبرور، والوعد إنما جاء لمن حج حجا مبرورا، فالمصرّ على الكبائر وإن أدى مناسك الحج، فحجه فيما يبدو غير مبرور، كذلك حقوق العباد، عليه مائة ألف، عليه مليون، ما تسقط عنه هذه الديون، لا تسقط حقوق الناس عنه، فإن هناك حق لا يترك، وهو حق العباد، فلابد من التخلص من ديون الناس، حتى إنه لا يجوز له أن يدخل في الجهاد ولا أن يحج حتى يؤذن له أو يؤدي هذا الدَيْن، بارك الله فيكم.
الشاهد: إن هذا الوعد لمن حج حجا مبرورا، وليس منهم المصرّ على الكبائر، ولا المصرّ على مماطلة الناس في حقوقهم، والمصرّ على ظلم الناس، فيجب أن يكون قلبه طاهرا نقيا بَرًا، حتى يكون حجه مبرورا، فيستحق هذا الوعد من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويرجع إن شاء الله كيوم ولدته أمه، قد غفر الله له كل ذنوبه، بهذه الشروط التي ذكرناها، والله أعلم.
وفي أثناء الحج يتوب من كل شيء، قال رسول الله: “من حج فلم يرفث ولم يفسق“، لم يرفث ولم يفسق، انظر إلى هذا المعنى، فإذا حصل منه رفث أو حصل منه فسوق في أثناء أدائه للحج، فهذا أمر ووضع لا يؤهله لهذا الوعد، قد يتقبل الله حجه سبحانه وتعالى، لكن لا يصدق عليه هذا الوعد أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والله أعلم.
[شريط بعنوان: لقاء مع الشيخ فالح في موسم الحج]