كيف يجالسهم؟! هل السلفيون يجالسون أهل البدع؟! فإذا وُجد سلفي قوي، يستطيع أن يبلغ دعوة الله في أهل البدع وفي الأحزاب، بالحجة والبرهان، ويُؤثّر فيهم، ولا يؤثرون فيه، فهذا واجبه أن يختلط بهؤلاء ويدعوهم، لا لأجل أكل، ولأجل شرب، ولا مداهنة، ولا شيء من أمور الدين، ولا إقرار على باطل، إنما يحصّلهم في المساجد فيدعوهم، ويحصلهم في الأسواق فيدعوهم، ويركب معهم في السيارة يدعوه، يركب معه في الطائرة يدعوه، يركب في القطار يدعوه.
يدعو لأنه لا بدّ من الاختلاط بهؤلاء، ما له فكاك منهم، لأن أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة، والسلفيون كشعرة البيضاء في ثور أسود، بارك الله فيكم، فرغم أنفه يختلط بهؤلاء، لكن، ما واجبه؟
واجبه: تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
فهذا: إذا جلس في بيته بحجة هجران أهل البدع فها موت الدعوة!!
فمثلا: إنسان جاهل ضعيف الشخصية إذا سمع أدنى شبهة أخذته: فهذا ينبغي أن ينجو من أهل الشبه والبدع ويبتعد عنهم لا يجالسهم، لكن إذا امتحنك إنسان وسلم عليك، فقل: وعليك السلام.
لكن، أن تجالسهم وتؤاكلهم، وتضاحكهم، وتجلس إليهم: فأنت في هذا مخطيء، لأن ما فعلته مخالف للمنهج السلفي ومخالف للسنة.
الآن: أنا ربيع، مثلا، لا أرى مبتدعا إلا وأفرّ منه! وما أدري كيف!!
فلان وفلان وفلان من طلاب العلم لا يرى مبتدعا إلا وفرّ!
ما أن رآه أو نظر إليه في وجهه من أمام البيت إلا دسّ نفسه، إن رآه في الشارع إلا هرب منه إلى شارع ثان، هذا ليس طريقا سلفيا، فالصحابة كانوا ينتشرون بين الكفار في أقطار الأرض، وينشرون دين الله فيهم، بارك الله فيكم.
والسلفيون الذين قبلنا قد انتشروا كذلك بين أهل البدع وأثّروا فيهم، وأدخلوا الألوف في حظيرة المنهج السلفي.
فمن كان مناظرا قويا، وقوي الشخصية، أو عالما، أقام الحجة ودعا هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة.
وسترون آثار ذلك.
والضعيف، لا والله لا يخالط -في الجملة-، لكن إذا امتحن بالسلام عليه فليسلم، ولا شيء عليه، وإلا، فماذا يصنع؟ لكن، لا يخالط ولا يجالس.