الجواب: أولا، إن كان قصد القائل أن الأنبياء يخلف بعضهم بعضا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي”، فلا بأس بهذا الإطلاق، وإن كان قصد القائل بذلك أن الأنبياء خلفاء عن الله ونواب عنه وكذلك بنو آدم خلفاء عن الله ونواب عنه فهذا كلام باطل فالله لا يجوز أن يكون له خليفة، وقد عد شيخ الإسلام هذا الاعتقاد من الشرك بالله كما ذكر ذلك في الفتاوى الكبرى، وهو من عقائد أهل وحدة الوجود.
وأما قولكم: أن الله بعث الأنبياء والرسل لإقامة الدولة الإسلامية
فالجواب: أن الله قد بين الغاية من إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ((وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون))، فمهمة الأنبياء الأساسية: هداية الناس إلى الله، ودعوتهم إلى إفراد الله بالعبادة، وإخلاص الدين له، كما قال تعالى: ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)) وقال تعالى: ((رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما)) فبين أن مهمتهم التبشير والإنذار لإقامة الحجة على الناس، جعل الله لهم وسائل، آتاهم الله الملك، كداود وسليمان فقامت دولتهم في مصر…وهم بنو إسرائيل، فنصر الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وأظهره على أعدائه بعد مشقات وأهوال على مدار ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى ما دعا إليه إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلى توحيد الله ونبذ الأوثان والشرك بها، ولا شك أن الدولة من الإسلام، لكنها وسيلة لنصرة التوحيد ونشره، وليست غاية في حد ذاتها كما يفهمه الكثير من السياسيين اليوم الذين يتنكرون لدعوة الأنبياء إلى التوحيد ومحاربة الشرك، فلم يجعلوا التوحيد لا وسيلة ولا غاية، بل يعتبرون الدعوة إلى التوحيد عقبة في سبيل الوصول إلى غايتهم ووسيلة من وسائل تفريق الأمة، وقد قامت لهذا الصنف دولة فأصبح من أعظم أعمالها الدعوة إلى وحدة الأديان والمؤاخاة بين أهل الملل والنحل، وفي ذلك أعظم عبرة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ولمن يريد أن يتخذ من رسول الله أسوة في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى
[ شريط بعنوان اللقاء الهاتفي الأول 25-2-1416 ]