الجهاد في الإسلام له شروطه، ولم يشرع الجهاد إلا لإعلاء كلمة الله -تبارك وتعالى- وإعزاز الإسلام والمسلمين، فأي جهاد أو قتال أو حركة تضر الإسلام والمسلمين وتوقعهم في هوة الذل والهوان، فهذا ليس من الإسلام ولا من الجهاد في سبيل الله، والذين عاشوا في أمريكا في وقت هذا الحدث ربما هم أعرف الناس بما لقي المسلمون هناك من الإهانات والذل، والشعب الأفغاني يعرف ذلك، بل الشعوب الإسلامية تعرف ما نالته من الذل والهوان بسبب هذا الحادث، فمثل هذه التصرفات الخرقاء يرفضها الإسلام، والإسلام -والله- منها بريء، لأنا كمنا قلنا قبل إن الجهاد إنما شرع لإعلاء كلمة الله وإعزاز المسلمين، وأنا أقول غير مرة: إن الرومان احتلوا فلسطين في عهد بني إسرائيل، وكان يعيش في وقت ما من أوقاتٍ من تاريخ بني إسرائيل ثلاثة أنبياء في عصر واحد فلم يعلنوا الجهاد، هؤلاء الثلاثة هم زكريا وعيسى ويحيى -عليهم الصلاة والسلام- ولو شاء ربك لأمر أحد الأنبياء يدعو على هؤلاء الأعداء فيغرقهم الله كما أغرق قوم نوح وعاد وثمود، ولكن الله يبتلي الناس بعضهم ببعض، ((ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض)) ومتى يكلف الله الأمة بالجهاد ويبتليها به؟ حين قوتها وقدرتها واستيفائها للشروط التي تؤهلهم للنصر والعزة، وأما في عهد الضعف فلم يكلف الله الأنبياء، وهم أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى، وأفضلهم عنده، والله يسرع إلى إجابتهم، وقد أهلك الله بعض الأمم بدعوات بعض الأنبياء، وأهلك الله فرعون وقومه نصرا لموسى عليه الصلاة والسلام، ولكن الله يبتلي من يشاء، وإذا ابتلى -وهو الرحيم الحكيم – لا يكلف حتى الأنبياء بما هو فوق طاقتهم، فإذا كان الأنبياء في عهد قد شرع فيه الجهاد ولكن الله لم يكلفهم-يعني- بالجهاد وإن كان الجهاد مشروعا في دينهم، لماذا لم يشرع الله ولم يكلف الله هؤلاء الأنبياء بالجهاد، ثلاثة أنبياء في عصر واحد وفي بلدة واحدة وهي القدس ولم يكلفهم الله بإخراج الرومان من القدس، لماذا؟ لأن الله من سننه الكونية والشرعية أن لا يكلف الناس إلا بما يطيقونه، فهل الآن في طاقة هؤلاء الذين هدموا هذا البناء هل في طاقتهم مواجهة أمريكا وأوربا ودول الشرق والغرب، هل في طاقتهم هذا؟ ليس في طاقتهم، ففعلهم هذا يخالف الشريعة الإسلامية، يخالف العقل، يخالف الشرائع، لأنه يؤدي إلى إذلال المسلمين وإلى أهانتهم، وإلى إهانة الإسلام، وإلى تشويه صورة الإسلام، فكم شن الغرب من الغارات على الإسلام بالتشويه المتعمد، وأصبحوا يمثلون الإسلام دين الوحشية ودين همجية وفوضى، حصل هذا في أزمة الخليج وتكرر في هذه الأزمة، أحداث سبتمبر التي يسمونها، على كل حال العلماء شجبوا هذا التصرف، وبرؤوا الإسلام منه، وقولهم حق ونرجو من هؤلاء المساكين الذين لا يعرفون مقاصد الإسلام ولا يبالون بما ينال المسلمين من الذل والهوان، أرجو الله أن يوفقهم وأن يرزقهم السداد وأن يجنبهم سبل الغي وأن يوفقنا وإياهم إلى الهدى والرشاد.
[شريط بعنوان: إزالة الإلباس عما اشتبه في أذهان الناس]