الأصل أن الله تبارك وتعالى حرّم دم المسلم وعرضه وماله، فلا يجوز أن يستحل المسلم شيئا من هذا إلا بإذن من الله تبارك وتعالى أو من رسوله عليه الصلاة والسلام، الغيبة محرمة، الغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره، فإن لم يكن فيه ما ذكرته فقد بهتّه، وهناك يعني أمور يجوز للمسلم أن يتكلم عن أخيه المسلم في غيبته، ولا يعد من الغيبة، وقد ورد في بعض الأحاديث كالمرأة التي استشارت رسول الله عليه وسلم فقالت: إن معاوية وأبا الجهم خطباني، فأشار عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: “أما أبا الجهم فضراب للنساء ولا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له” فقد ذكرهما بما فيهما من عيب، ولا شك أنهما يكرهان مثل هذا، ولكن من باب النصيحة والمشورة لما ينفع المسلمين، يعني شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا، وهناك أمور أخر كالتحذير من أهل الشر، من أهل البدع وأهل الفسق وأهل الغش وأهل الخيانة، يجب التحذير منهم، فلو استشارك إنسان هل أدرس عند فلان هل هو من أهل الثقة أو من أهل البدعة، وأنت تعلم أن هذا داعية وقد يضر بهذا المستفتي، فتقول احذره عنده كذا وكذا من البدع، وتكون قد نصحته، فلان يريد أن أعامله وأشاركه في تجارة وأنت تعلم أنه غشاش خائن، فتبين له عيب هذا الرجل من الغش ومن الخيانة، وإن لم تنصحه فقد خنته وغششته، المهم أنه للمصلحة لكي لا يغر بشر هذا الإنسان الذي تتكلم في غيبته وتتكلم في عرضه لدرء مفسدة قد تنزل إما بالأمة عامة أو ببعض الأفراد، فإن لك أن تتكلم وتبين ما فيه، إذا كان هذا متهاونا في عمله ولا يؤدي الأمانة، أو يسيء إلى الناس في معاملته، واستشارك مسؤول أو سألك مسؤول عنه وأنت تعرف فيه هذه العيوب، فينبغي أن تخبره ولا يعد ذلك من الغيبة، المهم يجب أن يرادف ذلك قصد النصيحة، والإخلاص لله تبارك وتعالى، وعدم الرغبة والهوى في لمس عرض هذا المسلم، إذا تجردت من الهوى، وكان في ذلك ما ينفع المسلمين ويدفع عنهم المضرة فعليك أن تبين وكما يقول:
القدح ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقا ومستفت ومن طلب الإعانة في إزالة منكر
هذه ستة أبواب كلها يجوز فيها الكلام لكن بشرط التجرد لله عز وجل من الهوى، والبعد عن الأغراض الشخصية، وقصد النصيحة النافعة للمسلمين التي تنفعهم وتدفع عنهم الضرر، بهذه الشروط وبهذه المواصفات لا يكون الكلام غيبة، كما تدل على ذلك النصوص، وقرره العلماء، ومن هذا الباب كتب الجرح والتعديل تراها من الكلام لمصلحة الحفاظ على السنة، والحفاظ على دين الله تبارك وتعالى، وبهذا القصد كتبها أئمة الإسلام لا رغبة في الطعن في الناس وإنما من باب النصيحة والحماية لدين الله تبارك وتعالى.
[شريط بعنوان: اللقاء الهاتفي الثاني 22-04-1416 ]