يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وأظنّ ابن رجب وأحمد شاكر وغيرهم وبحسب دراستي أنا أيضا لبعض الأحاديث أنّ مراده بالحديث الضعيف: الحديث الحسن عند الترمذي ومن بعده؛ لأنّ الإمام أحمد -رحمه الله- وطبقته ومن قبله حتى طبقة تلاميذه مثل البخاري يجعلون الحديث قسمين: ضعيف وصحيح, ويدخلون ما يسمى بالحسن عند المتأخرين في الضعيف, والضعف يتفاوت فمنه ضعف لا ينجبر، ومنه ضعف ينجبر، وممّا شمله اسم الضعيف: الحسن عند المتأخرين الذي يحتج به في الحلال والحرام وفي سائر الأحكام.
فإذا قيل إنّ الإمام أحمد يقدم الحديث الضعيف على القياس، فالمراد هذا الحديث الذي يرويه مثل ابن إسحاق ومثل عمرو بن شعيب وأمثال هؤلاء, يعني هؤلاء مختلف فيهم, منهم من يصحح حديثهم ومنهم من يضعفه ومنهم من يتوسط فيه، وأحمد أحيانا يحتج بعمرو بن شعيب وأحيانا يرده, وأحيانا يحتج بابن إسحاق وأحيانا يرده، فالشاهد أنّه قد يحتج بحديث ضعيف، يعني حسن عند غيره من أمثال روايات هؤلاء.
هذا الاصطلاح – بارك الله فيك- , أول ما شهر الحسن الذي يحتج به, الحسن لذاته، والحسن لغيره، وصحيح حسن، وغريب صحيح, صحيح حسن غريب, حسن غريب, حسن صحيح غريب، إلى آخر إطلاقات الترمذي, هذه أول من شهرها هو الإمام الترمذي -رحمه الله- ودرج الناس بعده على هذا, تقسيم الحديث إلى ثلاثة أقسام : صحيح, وضعيف، وحسن, والضعيف يتفاوت, أمّا أحمد ومن قبله ومن عاصره، حتى علي ابن المديني، فإنّهم يطلقون الحسن إطلاقا لغويا، فتجد البخاري يطلق الحسن على الحديث المنكر الغريب، وتجده أحيانا يطلقه على الصحيح إذا كان غريبا يدخل فيه الحسن، وأحيانا يطلقه على ما نسميه نحن الحسن في اصطلاح المتأخرين, كذلك ابن المديني، وأنا ضربت أمثلة لهذه الأمور في الكتاب الذي سميته: “تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف” فصلت فيه وضربت الأمثلة ورددت على من غالط في هذه القضايا وتحامل على الإمام أحمد وابن تيمية.
[أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث (الحلقة الأولى)]