أين سمعتم هذا الكلام؟, هل سمعتم هذا الكلام مني؟ بارك الله فيكم؟!
يقرر كثير من علماء الإسلام أن خبر الآحاد الذي تلقته الأمة بالقبول أنه يفيد العلم اليقيني القطعي, ونقل هذا الكلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة وعن جماهير العلماء وحتى عن رؤوس من فرق الضلال من المعتزلة, ومن رؤوس الأشاعرة أن الخبر إذا كان بهذه المنزلة؛ تلقته الأمة تصديقا به وعملا بموجبه أفاد العلم اليقيني, قرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ونقله -رحمه الله- وتناقله العلماء عنه من بعده رحمه الله؛ نقله عنه الحافظ ابن حجر ونقله عنه البلقيني وردّوا به على النووي الذي يرى أن أخبار الآحاد تفيد الظن حتى أخبار الصحيحين! فما قبلوا منه هذا الكلام.
النووي يحب الحديث ويحترمه ومجند لخدمته لكنه ما عرف مذهب أهل السنة وإنما تلقى هذا المذهب من رؤوس الأشاعرة فقط! ولم يعلم المذاهب الصحيحة, وقد حكى ابن حزم وابن القيم وغيرهما أن الأمّة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم مجمعون على تلقي أخبار الرسول عليه الصلاة والسلام بالقبول, وأن أخبار الرسول الصحيحة الصادقة تفيد العلم.
وما أحد قال في هذه الأَعْصُر: بأن الأخبار تفيد الظن حتى جاءت المعتزلة بعد المائة !
جاؤوا بهذه الشكوك وهذه البدع وهذه الضلالات يشككون في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وقد أشرنا سابقا أنهم يقولون: أخبار الآحاد تفيد الظن.
وابن القيم يقرر وغيره أن الخبر إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل وليس فيه علة فإنه يفيد العلم, وأنا هذه عقيدتي؛ أن الخبر إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق العدول الصادقين الأثبات وليس له فيه علة ولا شذوذا فإنه عندي يفيد العلم.
وبعض الناس يقيّد هذا, بما إذا تلقته الأمة بالقبول, لكن أبا الحسن المأربي-كما عرفتم وأظن أن السائل متأثر به والله أعلم – ساق الأدلة لأهل البدع من ثلاثة عشر وجها! أن أخبار الآحاد تفيد الظن، وشكّك في أخبار الصحيحين، ولم ينقل لأهل السنة حجة واحدة، وبتر كلام ابن حزم، حذفه، وحذف من كلام ابن تيمية، ولعب في هذه القضية وذهب يرجف في اليمن هنا وهنا !!
من عهد ابن تيمية إلى عصرنا هذا، أهل السنة لا يختلفون في أخبار الآحاد, وليس عندهم قضية ظن ويقين وهذا الكلام الفارغ ! حتى أثار أبو الحسن الفتنة في اليمن! وذهب يسأل الشيخ الألباني! الشيخ الألباني له كتابان وله مؤلفان أحدهما خاص في حجية أخبار الآحاد وأنها تفيد العلم وردَّ على أهل البدع والضلال الذين يقولون تفيد الظن وتكلم بقوة ونافح عن السنة, وفي كتاب آخر كذلك وفي مناظراته وفي كتابات أخرى …الخ.
يعني سأل الشيخ عن هذا السؤال, فأجاب إجابة -طبعا ليس فيها أن أخبار الآحاد تفيد الظن- وإنما له كلام دخل منه أبو الحسن, وذهب ينقل ويثير في اليمن أن الألباني يقول: أخبار الآحاد تفيد الظن وله أهداف سيئة!
وبعد ذلك لما جئت أنا وأمسكته في أخبار الآحاد قال: الألباني, الشنقيطي, ابن عثيمين, فلان وفلان يقولون: أخبار الآحاد تفيد الظن! يكذب ويلبس ويدجل!!
هذه المسألة لا تثار, علينا أن نسلّم تسليما بكل ما صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا نأتي بهذه الإثارات والشبه؛ لا يأتي بها إلا أهل الفتن!
فأخبار الآحاد عندنا -إن شاء الله- ما ثبت منها إلى النبي عليه الصلاة والسلام نؤمن به ولا نقول: يفيد الظن, نأخذه على أنه علم وأنه وحي من الله أوحاه إلى رسوله عليه الصلاة والسلام ( إن هو إلا وحي يوحى ), هذا ما أقوله في الإجابة على هذا السؤال, وأنا أنصح السائل أن يترك هذه الأسئلة, ويحترم سنة رسول الله ولا يثير مثل هذه الفتن والمشاكل.
[فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الثالثة)]