الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي بين ثناء العلماء وسفاهة الجهلاء   أقوال العلماء في جماعة التبليغ   موقف الإسلام من عيسى ـ عليه السلام   توضيح   دفع أكذوبة المجالس السرية   تقديم الشيخ ربيع لكتاب: سُلوان السَّلَفِي عند كَيدِ الخَلَفي   حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين   الرد على الدكتور عباس شومان   تعليقات على طعونات الشيخ محمد بن هادي في أناس أبرياء مما يصفهم به   منزلة إصلاح ذات البين في الإسلام   نصيحة للسلفيين في الجزائر بالاجتماع وعدم الافتراق   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة (الحلقة الثالثة)   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة ( الحلقة الثانية )   دحر مغالطات الحجوري ودفع مخالفاته في كتابه الإجابة ( الحلقة الأولى )   مؤاخذات على شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب ( الحلقة الثالثة )   لا يا شيخ الأزهر، يجب عليك أن تسلك مسلك العلماء في إدانة ابن عربي في تصريحاته بوحدة الوجود ( الحلقة الثانية )   مؤاخذات على شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب ( الحلقة الأولى )   الخيانات والغدر من شر أنواع الفساد في الأرض   كلام أئمة الإسلام حول أحاديث الشفاعة التي لايرفع الخوارج الحدادية بها رأساً.   تحذير أهل السنة السلفيين من مجالسة ومخالطة أهل الأهواء المبتدعين   استهداف الروافض الحوثيين مكة المكرمة بصاروخ باليستي إنما هو امتداد لأعمال أسلافهم القرامطة الباطنية   بيان بطلان دعاوى أهل مؤتمر الشيشان   تصريحات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتواتر أحاديث الشفاعة وأنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان   وضوح البرهان يدمغ مخالفات عادل آل حمدان – الحلقة الأولى   أحاديث الشفاعة محكمة وليست من المتشابه كما يقول ذلك الخوارج الجدد؛ فيجب التسليم بها واعتقاد ما دلت عليه.   نصيحة للمسلمين عمومًا والسلفيين خاصة، في ليبيا وغيرها من البلاد الإسلامية.   أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون   توجيه العلامة ربيع المدخلي، لبعض الشباب في المغرب العربي الذين ينكرون بعض بدع المقابر، ويترتب على ذلك مشاكل كبيرة   التكلف في قراءة القرآن أنكره أئمة السلف رحمهم الله   دحض أباطيل عبد الحميد الجهني التي أوردها في كتابه المسمى زورًا بالرد العلمي – الحلقة الخامسة

مضامين “المقالات الأثرية في الرد على شبهات وتشغيبات الحدادية”، ومعها ملحق مهم

شارك عبر

 

مضامين “المقالات الأثرية في الرد على شبهات وتشغيبات الحدادية”، ومعها ملحق مهم

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

 

أما بعد:

 

فأرجو من القراء الكرام، وخاصة من تجاوب معهم من غير دراسة قراءة هذه المضامين المهمة، ثم الصدع بالحق.

 

توطئةٌ مهمة جداً لهذه المضامين تتضمّن موقف الأئمة الواردة أسماؤهم من دعاوى الإجماع.

 

 

 

“موقف الإمامين أحمد والشافعي وغيرهما، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم من دعاوى الإجماع:

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في “مجموع الفتاوى” (19/271):

 

” وَإِذَا نَقَلَ عَالِم الْإِجْمَاعِ وَنَقَلَ آخَرُ النِّزَاعَ : إمَّا نَقْلًا سمى قَائِلهُ ؛ وَإِمَّا نَقْلًا بِخِلَافٍ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُسَم قَائله فَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ نَقْلًا لِخِلَافٍ لَمْ يَثْبُتْ ؛ فَإِنَّهُ مُقَابِلٌ بِأَنْ يُقَالَ وَلَا يَثْبُتُ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ بَلْ نَاقِلُ الْإِجْمَاعِ نَافٍ لِلْخِلَافِ، وَهَذَا مُثْبِتٌ لَهُ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. وَإِذَا قِيلَ : يَجُوزُ فِي نَاقِلِ النِّزَاعِ أَنْ يَكُونَ قَدْ غَلِطَ فِيمَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْخِلَافِ : إمَّا لِضَعْفِ الْإِسْنَادِ ؛ أَوْ لِعَدَمِ الدَّلَالَةِ، قِيلَ لَهُ : وَنَافِي النِّزَاعِ غَلَطُهُ أجوز ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ لَمْ تَبْلُغْهُ ؛ أَوْ بَلَغَتْهُ وَظَنَّ ضَعْفَ إسْنَادِهَا وَكَانَتْ صَحِيحَةً عِنْدَ غَيْرِهِ ؛ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدَّلَالَةِ وَكَانَتْ دَالَّةً، فَكُلمَا يَجُوزُ عَلَى الْمُثْبِتِ مِنْ الْغَلَطِ يَجُوزُ عَلَى النَّافِي مَعَ زِيَادَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ . وَهَذَا يَشْتَرِكُ فِيهِ عَامَّةُ الْخِلَافِ ؛ فَإِنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ لَا سِيَّمَا فِي أَقْوَالِ عُلَمَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ.

 

وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ : مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَقَدْ كَذَبَ ؛ هَذِهِ دَعْوَى الْمَرِيسِيَّ([1]) وَالْأَصَمِّ ؛ وَلَكِنْ يَقُولُ : لَا أَعْلَمُ نِزَاعًا وَاَلَّذِينَ كَانُوا يَذْكُرُونَ الْإِجْمَاعَ كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمَا يُفَسِّرُونَ مُرَادَهُمْ : بِأَنَّا لَا نَعْلَمُ نِزَاعًا، وَيَقُولُونَ هَذَا هُوَ الْإِجْمَاعُ الَّذِي نَدَّعِيه”.

 

وقال الإمام ابن القيم –رحمه الله- في “إعلام الموقعين” (1/29-30) متحدثاً عن أصول الإمام أحمد –رحمه الله-:

 

” وكان فتاويه مبنية على خمسة أصول:

 

أحدها: النصوص، فإذا وجد النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان، ولهذا لم يلتفت إلى خلاف عمر في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس، ولا إلى خلافه في التيمم للجنب لحديث عمار بن ياسر، ولا خلافه في استدامة المحرم الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه لصحة حديث عائشة في ذلك، ولا خلافه في منع المفرد والقارن من الفسخ إلى التمتع لصحة أحاديث الفسخ، وكذلك لم يلتفت إلى قول علي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب في ترك الغسل من الإكسال لصحة حديث عائشة أنها فعلته هي ورسول -صلى الله عليه وسلم- فاغتسلا ولم يلتفت إلى قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن علي أن عدة المتوفى عنها الحامل أقصى الأجلين لصحة حديث سبيعة الأسلمية، ولم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية في توريث المسلم من الكافر لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما، ولم يلتفت إلى قول ابن عباس في الصرف لصحة الحديث بخلافه ولا إلى قوله بإباحة لحوم الحمر كذلك، وهذا كثير جدا ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح([2]).

 

وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت، وكذلك الشافعي أيضا نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ولفظه: ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب من ادعى الإجماع([3]) فهو كاذب لعل الناس اختلفوا ما يدريه، ولم ينته إليه، فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكنه يقول: لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك هذا لفظه.

 

ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده”.

 

فما هو رأي أهل العلم والسنة في الحدادية وفي كثرة دعاواهم للإجماعات لأهداف خطيرة وباطلة؟

 

 


 

 

بداية المضامين المنوه عنها:

 

(ص14-15)تعريف أهل السنة للإيمان.

 

(ص15) قول ابن بطة بعدم تكفير تارك الصلاة.

 

(ص16) تحريف عادل لكلام ابن بطة والبربهاري.

 

ثم قصره وصف أهل السنة على من لا يكفرون تارك الصلاة؛ ليخرج من لا يكفرونه عن دائرة أهل السنة، بل هم عنده مرجئة.

 

(ص20) قصر عادل وصف أهل السنة على من يُكفر تارك الصلاة، ليخرج من لا يكفره، وإن كان يرى أنه مجرم يستحق القتل والعقاب الشديد من الله في الدنيا والآخرة.

 

(ص27) سوق ربيع أقوال الخوارج والمرجئة في الإيمان.

 

(ص27-28) نقل ربيع عن الإمام محمد بن نصر قوله: “فغلت الحوارج والمعتزلة والرافضة في تأويل هذه الأخبار (أي نصوص الوعيد)، وكفرت بها المرجئة شكاً منهم في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو تكذيبا منهم لمن رواها من الأئمة…الخ

 

(ص29) قول ربيع: “هذا هو واقع المرجئة، منهم من ينكر نصوص الوعيد ويكذب بها.

 

ومنهم من يتأولها تأولاً فاحشاً، ومنهم من يرى المجرمين من السراق والزناة وأمثالهم أنهم مؤمنون مستكملوا الإيمان.

 

(ص29-30) قول ربيع: “إن أهل السنة جميعاً يؤمنون بنصوص الوعد والوعيد، ويعظِّمونها، ويؤلفون بينها، ولا يضربون بعضها ببعض”.

 

أوردربيع في (ص30) نقل شيخ الإسلام ابن تيمية لأقوال العلماء في تارك الصلاة أو غيرها من الأركان الأربعة.

 

(ص33) سئل الإمام أحمد عن من قال: “الإيمان يزيد وينقص”، قال: “هذا بريء من الإرجاء”.وقول البربهاري: “من قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره”.

 

فهل يأخذ المسلمون بما قرره أئمة الإسلام والسنة، أو يأخذون بقول الحدادية؛ أهل الجهل والهوى؟

 

(ص34) الحدادية يخالفون أهل السنة في عدد من الأصول، ومنها الحكم بالإرجاء على من يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وينقص حتى لا يبقى منه إلا أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة.

 

(ص35-43)نقل ربيع قول ابن قدامة في تارك الصلاة، ونقله لاختلاف العلماء وأدلتهم، وترجيحه لعدم التكفير وسوقه للأدلة في ذلك، وإلزام ربيع للحدادية إلزاماً قوياً بأن أحكامهم تتناول الإمام أحمد وعدداً من أتباعه من الأئمة.

 

(ص50)احتجاج عادل بأثر عبد الله بن شقيق، ألا وهو قوله: ” “لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة”. ونقد ربيع لهذا الأئر إلى (ص58)، وبيانه لضعف هذا الأثر بهذا اللفظ بالأدلة.

 

(ص57) رواية إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن عبد الله بن شقيق، وترجيح روايته على رواية بشر بن المفضل.

 

(ص57) دعوى الإجماع على كفر تارك الصلاة لا توجد في كتب الإجماع؛ لافي كتاب ابن المنذر،ولافي كتاب ابن حزم، ولا في كتاب ابن القطان، ولا في استدراك شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن حزم.

 

 والحدادية يصرون على دعوى الإجماع ليرموا أئمة الإسلام الذين لا يكفرون تارك الصلاة بالإرجاء.

 

(ص58) ميزة أهل السنة المختلفين في تارك الصلاة واحترام بعضهم لبعض، وثناء بعضهم على بعض، والحدادية ضد هذا المنهج.

 

(ص77-78) مناقشة كلام إسحاق الذي يتعلق به من يدَّعي الإجماع.

 

(ص78) أدلة من لا يُكفر تارك الصلاة.

 

(ص37-75) استدلال ربيع بالأدلة على شدة عقوبة مانع الزكاة، فكيف بتارك الصلاة.

 

(ص88) أحاديث الشفاعة تتضمّن الوعد والوعيد الشديد لمرتكبي الكبائر، وأهل السنة يؤمنون بذلك بخلاف المرجئة.

 

(ص90) احتجاج الإمام ابن القيم بحديث أبي سعيد –رضي الله عنه- في “الصحيحين” في الشفاعة، وقوله بجميع ما تضمّنه من الشفاعات وبقوله –صلى الله عليه وسلم-: “فيخرج الله منها قوما لم يعملوا خيرا قط”، وقوله عند هذه الجملة: “فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة” .

 

ولم يتأول هذه الجملة.ولا أعرف أحداً من علماء السلف تأولها، وقوله –صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أنس الصحيح، الذي فيه أن للنبي -صلى الله عليه وسلم- عدداً من الشفاعات، ومنها أنه يخرج الله من النار بشفاعته من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، ثم يطلب النبي –صلى الله عليه وسلم- من ربه الشفاعة فيمن قال: “لا إله إلا الله”،فيقول الله له: ليس ذلك لك. ثم يخرج الله بعزته وجلاله ورحمته من النار من قال: “لا إله إلا الله”. وإيمان أهل السنة جميعاً بهذين الحديثين المتفق على صحتهماوما تضمّناه من الشفاعات وما بعدها فيمن يخرجهم الله برحمته وعزته وكبريائه.

 

هذا إلى جانب الأحاديث الأخرى المتواترة الواضحة الجلية، والمتواترة في الشفاعة، والتي ترغم الخوارج السابقين والحدادية اللاحقين.

 

(ص92- 93) حكاية شيخ الإسلام عن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وأهل السنة الأخذ بأحاديث الشفاعة، وأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

 

(ص94-96) الإمام محمد بن عبد الوهاب وابنه الإمام عبد الله والإمام عبد اللطيف آل الشيخ والإمام ابن سحمان لا يكفرون إلا بما أجمع عليه العلماء وهو الشهادتان. فما رأي الحدادية فيهم ؟؟

 

(ص97) رمي عادل أهل السنة المعاصرين بالإرجاء، وبأنهم يحصرون الكفر في الجحود والتكذيب. وهذا افتراء عظيم على أهل السنة.

 

(ص98) بيان ربيع لأصناف المرجئة، وبيانه لمذاهبهم الباطلة.

 

(ص100) بيان ربيع لمذهب أهل السنة في تاركي العمل، وأنهم مستحقون للذم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة. وأن أهل السنة يذمون الذم الشديد من يخرجون العمل من الإيمان، ويحكمون عليهم بأنهم مرجئة .

 

(ص102)نقل ربيع قول الإمام سفيان بن عيينة في المرجئة أنهم يقولون:”الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل. والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله مصرا بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنـزلة ركوب المحارم ، وليس بسواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية ، وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو كفر”.

 

وتعليق ربيع على هذا القول ببيان ضلالات المرجئة ومنها أنهم يعتقدون أن إيمان أفجر الناس مثل إيمان محمد وجبريل وميكائيل .

 

(ص103) قول ربيع أهل السنة الذين يرميهم الحدادية بالإرجاء يقولون ويعتقدون أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص…الخ

 

(ص103)افتراء عادل على أهل السنة المعاصرين بأنهم يقولون: العمل شرط كمال، والرد عليه.

 

(ص104) إبطال فرية عادل على أهل السنة المعاصرين أنهم يحصرون الكفر في الجحود والتكذيب، والرد عليه.

 

(ص202-214) أورد أبو محمد الدشتي في كتابه “إثبات الحد لله” حديثاً ضعيف الإسناد، منكر المتن([4]).

 

1- فتعلق به عادل آل حمدان وزميله، وذهبا يجتهدان في إثبات صحته بطرق غريبة، لا تخرج عن طرق أهل الضلال في التعلق بالأحاديث الواهية، وإيهام الناس أنها صحيحة، ونصه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: “(إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى، فوضع إحدى رجليه على الأخرى، وقال: لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل هذا”.واعتقدا أن هذا من صفات الله، وذهبا يؤكدانه بعزوه إلى أبي نعيم، وأبو نعيم ساق القصة، ولم يذكر فيها هذه الجملة التي لا تليق بالله.

 

وأخيراً فمن مغالطات أو كذب المحققين عادل الغامدي وقرينه أنهما ادعيا أن هذا الحديث رواه ابن منده في “المعرفة”، فلم أجد في كتاب “المعرفة” هذا الحديث، ووجدته يروي بإسناده إلى عباد بن تميم عن أبيه وعمه “أنهما رأيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مضطجعاً على ظهره، رافعاً إحدى رجليه على الأخرى”. فنعوذ بالله من الهوى والضلال والكذب على الأئمة.

 

2- ومن ذلك أنهما نسبا إلى الذهبي أنه قال في “العلو” (110): رواته ثقات.

 

3- وادعيا أنَّ ابن القيم قال في “اجتماع الجيوش الإسلامية” (ص107-108): “إسناده صحيح على شرط البخاري”.

 

والذهبي لم يقل عن هذا الحديث الباطل:”رواته ثقات”.

 

إنما صحح حديث: “”لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه””.

 

وكذلك ابن القيم إنما صحح حديث: ” لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه”.

 

وهذا النص الذي ذكره الإمامان الذهبي وابن القيم يتفق مع قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، ويتفق مع بقية آيات استواء الله على عرشه.

 

انظر كيف يفتري هذان المحققان على العلماء تصحيح هذا الحديث الباطل، الذي قد لا يقبله حتى المجسمة الضلال.

 

وكم جهد هذان الحداديان في تصحيح هذا الحديث الذي لا يليق بجلال الله.

 

من (ص183-186) من تعليقهما على كتاب الدشتي، فدحضتُ هذا الجهد المسيء إلى الله -عزّ وجلّ-.

 

وسوف أنزل -إن شاء الله- كلام هذين الرجلين على هذا الحديث، ومحاولتهما تصحيحه، مع ردي المفصل عليهما والمتضمّن لبيان بطلان عملهما وادعائهما لصحته وبطلان ادعائهما أنَّ بعض العلماء أوردوه في كتبهم، ومنهم الذهبي وابن القيم، وأنهما قالا: إنَّ رجال إسناد هذا الحديث ثقات.

 

وفي (ص187) قال المحققان لكتاب الدشتي: “4- أبو النضر، يرويه ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي النضر به.رواه أحمد في “المسند””.

 

وبرأ الله الإمام أحمد من رواية هذا الحديث الباطل.

 

وإنما روى بإسناده إلى أبي النضر أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ كَانَ يَشْتَكِي رِجْلَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَخُوهُ وَقَدْ جَعَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَضَرَبَهُ بِيَدِه عَلَى رِجْلِهِ الْوَجِعَةِ فَأَوْجَعَهُ فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي، أَوَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رِجْلِي وَجِعَةٌ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نَهَى عَنْ هَذِهِ”.

 

ورواية الإمام أحمد لهذا الحديث بهذا اللفظ مع روايات من قبله، كلهاتُبيِّن بطلان ذلكم النص المنكر، وأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لم يقله، وحاشاه أن يقوله.

 

وفي (ص187) نقل هذان الحداديان قول أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل قوله: “قال كثير من الحفاظ: لا يصح هذا الحديث” ، فلم يردعهما هذا القول عن التعلق بهذا الحديث الذي لا يليق بجلال الله، فردّا عليه بكلام هزيل، وأصرّا على الأخذ به.

 

فما رأي علماء السنة فيمن يعتقد مثل هذا الحديث الباطل، ويروج له بالكذب والهوى؟؟

 

(ص108) تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى” (7/434-435) بكلام شديد على الملاحدة وأهل الكلام الباطل.

 

فبتره عادل الغامدي، ثم نزّله على أهل السنة الذين لا يكفرون تارك الصلاة.

 

 انظر كلام شيخ الإسلام في “المجموع”، وانظره في ” المقالات الأثرية” (ص108-110)، مع تعليقي عليه.

 

(ص112) قول ربيع: “وقول المرجئة يخالف البراهين من الكتاب والسنة، وما عليه الصحابة ومن اتبعهم بإحسان”.

 

(ص113) أورد عادل حديثاً فيه راوٍ متروك، وأورد بعده حديثاً صحيحاً.

 

ثم علّق عليه بقوله: ” وأهل السنة يوردون هذا الحديث في أبواب الرد على المرجئة الذين يرون ترك الصلاة ليس بكفر يخرج من الملة، فخالفوا بذلك أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين”.

 

وهو بهذا التقرير يخرج جمهور أهل السنة والحديث وأئمتهم من السنة إلى البدعة، يرميهم بمخالفة الإجماع، وهذا خروج منه على منهج أهل السنة إلى مذهب الخوارج، وذلك أن أهل السنة وأئمتهم الذين يكفرون تاركي الصلاة يُعظمون إخوانهم الذي لا يكفرون تاركي الصلاة، ولا يرمونهم بالإرجاء، ولا بمخالفة الإجماع، فعادل وإخوانه الحدادية إنما يسيرون على منهج الخوارج الذين يرمون أهل السنة عموماً بالإرجاء لأنهم لا يكفرون أهل الكبائر، ويزيدون على الخوارج برميهم أهل السنة بمخالفة الإجماع.

 

ثم علّقت على قوله هذا:

 

“وهذا أمر خطير جداً، له دلالات خطيرة. فهم (أي أهل السنة) المظلومون يعظمون سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويعملون بها، ويؤلفون ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد بفقه ووعي، ولا يخالفون أي إجماع، وما يدَّعيه هذا الرجل من الإجماع لم يثبت، ولو ثبت عندهم لرفعوه على رؤوسهم”.

 

ثم قلت: ” وهم يؤمنون بأن من يترك فريضة من الفرائض فإنه يستحق دخول النار، ويؤمنون بنصوص الوعيد لكل أنواع أهل المعاصي، ويؤمنون بأحاديث الشفاعة التي تدل على دخول كثير من العصاة النار، وأنّ منهم من لا يبقى من إيمانه إلا مثقال ذرة، ومنهم لا يبقى من إيمانه إلا أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة.

 

ويحكم أهل السنة على الممتنعين عن الصلاة بالقتل، ويبغضون تاركي الصلاة، ويحكمون عليهم بأن عندهم كفر، ويستدلون بالأحاديث الواردة في تاركي الصلاة على ضلاله وفسقه.

 

بينما المرجئة يعتقدون أن إيمان المجرمين – مهما بلغوا من الإجرام والفجور – مثل إيمان جبريل وميكائيل ومحمد -صلى الله عليهم وسلم-“، وبعضهم يوجبون على الله إدخاله الجنة.

 

(ص123-124) نقلتُ قول عادل: “- قال الإمام الشافعي –رحمه الله-: وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم يقولون: إن الإيمان قول وعمل ونية ، لا يُجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”، اللالكائي (1593)، و”الإيمان” لابن تيمية (ص197)”.

 

ثم علّقت على هذا القول بما يدل على عدم صحة ما نسب إلى الشافعي: “لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”، بما نقله ابن أبي حاتم في آداب الشافعي” (ص192)، وأبو نعيم في “الحلية” (9/114-115) والبيهقي في “مناقب الشافعي” (1/387) وابن عبدالبر في “الانتقاء” (ص81) وابن حجر في “الفتح” (1/46-47) ناقلاً عن الحاكم، كلهم ينقل عن الشافعي بأسانيدهم إليه أنه يقول: “الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص”، ولم ينقلوا عنه دعوى الإجماع، ولا القول المنسوب إليه: “ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”.

 

وهذا يوافق ما نقله الأئمة البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة عن علماء الأمصار، باب “الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص”.

 

ولم ينقلوا عنهم: ” ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”.

 

ثم أقول: كيف ينقل الإمام الشافعي الإجماع عن الصحابة والتابعين “أن الإيمان قول وعمل، ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”، ثم يذهب إلى مخالفة هذا الإجماع، فلا يكفر تارك الصلاة، ولا تارك الزكاة…الخ

 

ألا يدل مذهب الشافعي هنا على بطلان ما نسب إليه، ومنه: ” ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”؟

 

ثم كيف يتفق أئمة الإسلام على أن “الإيمان قول وعمل يزيد وينقص”، ولم ينقلوا ولا ينقلون: “لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر”، فهل تواصوا على كتمان هذا القول؟ حاشاهم ثم حاشاهم.

 

ثم كيف يذهب جماهير أهل السنة والحديث إلى مخالفة هذا الإجماع فلا يكفرون تارك الصلاة؟

 

إن إلحاح الحادية التكفيرية وإصرارهم على إثبات هذا الإجماع ليدل على أن هدفهم من وراء هذا الإصرار إنما هو الطعن في جماهير أهل السنة، وعلى رأسهم الأئمة العظام ورميهم بالإرجاء، ومن أهدافهم مخالفة أهل السنة الذين يكفرون تارك الصلاة، ثم لا يرمون إخوانهم الذين لا يكفرونه لا بالإرجاء، ولا بغيره، بل يحبون إخوانهم ويحترمونهم؛ لأن لهم أدلة وبراهين في ما ذهبوا إليه.

 

فليدرك العاقل على أن هذه الحدادية إنما هي فرقة خارجية تزيد على الخوارج بالكذب والخيانة.

 

ثم جاء أبو عاصم الحدادي الغالي ينتصر للحدادية ولصديقه عادل الغامدي.

 

 جاء ليصحح أثر عبد الله بن شقيق، فبيّنتُ ضعف شبهاته بالأدلة العلمية على منهج أهل الحديث.

 

وليعلم القارئ أن الذين يحتجون بأثر عبد الله بن شقيق لم يدرسوا أسانيده ويأخذوا بالراجح منها، ولو درسوا دراسة علمية على طريقة أهل الحديث لرجحوا الرواية الصحيحة عنه التي لا تدل على الإجماع المزعوم.

 

انظر دعاواه وإسقاطي لها بحق من (ص142-152).

 

ثم في (ص152-153) “قال أبو عاصم في (ص3):

 

” وقال المروزي([5]) : ” قال أبو عبد اللـه: أفلا ترى أن تارك الصلاة ليس من أهل ملة الإسلام الذين يرجى لـهم الخروج من النار ودخول الجنة بشفاعة الشافعين كما قال صلى اللـه عليه وسلم في حديث الشفاعة الذي رواه أبو هريرة وأبو سعيد جميعا رضي اللـه عنهما أنهم يخرجون من النار يعرفون بآثار السجود فقد بين لك أن المستحقين للخروج من النار بالشفاعة هم المصلون. أو لا ترى أن اللـه تعالى ميز بين أهل الإيمان وأهل النفاق بالسجود فقال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} وقد ذكرنا الأخبار المروية في تفسير الآية في صدر كتابنا، فقال اللـه تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ} ، {وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ} . أفلا تراه جعل علامة ما بين ملة الكفر والإسلام وبين أهل النفاق والإيمان في الدنيا والآخرة الصلاة. ” تعظيم قدر الصلاة : ( 2/1010 )”.

 

 

 

 

 

أقول:

 

1- إن هذا النص الذي نقله أبو عاصم عن الإمام محمد بن نصر قد حصل فيه بتر شنيع، أستبعد أن يكون هذا البتر من الإمام محمد بن نصر المشهود له بالإمامة وسعة الاطلاع والحفظ.

 

فيستبعد منه هذا العمل الشنيع، ومن الجائز أن يكون سقط المحذوف من هذا الحديث على بعض نساخ كتابه، فاستغل أبو عاصم الحدادي هذا العمل الشنيع والبتر الفظيع لتأييد منهجه التكفيري والطاعن في أئمة الإسلام وجماهير أهل السنة والحديث، والرامي لهم بالإرجاء.

 

2- مما يدل على إيمان الإمام محمد بن نصر بأحاديث الشفاعة وتسليمه بمضمونها أنه نقل عن طائفة من أهل الحديث لا تفرق بين الإيمان والإسلام، وأن معناهما واحد، نقل عنهم هذا المذهب في “تعظيم قدر الصلاة” (2/533-535).

 

ثم قال عنهم: “قالوا: ومما يدلك على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان والإسلام قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها لن يزول عنه اسم الإسلام وشر من الكبائر وأعظمهم ركوبا لها من أدخله الله النار فهم يروون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويثبتونه أن الله يقول أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن في قلوبهم إيمانا أخرجوا بها([6]) من النار وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من الإيمان([7]) ودخول الجنة ليس بمؤمن بالله إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر”.

 

فقول هذه الطائفة من أهل الحديث: ” قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها”.

 

يدل على اتفاق طوائف أهل الحديث على الأخذ الجاد بأحاديث الشفاعة وأنه يخرج بالشفاعة من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة.

 

وقولهم عن هؤلاء: ” وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ..الخ”.

 

وكل هذا قد سلم به الإمام محمد بن نصر ولم يعارضه بأي كلمة، وهذا يدل على أن ما حذف من الحديث الذي نقله الحدادي أبو عاصم عن الإمام ابن نصر إنما هو من عمل غيره خطأً كان أو عمداً.

 

ولا أستبعد أن أبا عاصم قد اطلع على هذا الكلام الذي فيه اتفاق أهل الحديث على الأخذ بأحاديث الشفاعة وتسليم محمد بن نصر بهذا الاتفاق.

 

لا أستبعد أن هذا الحدادي اطلع عليه فكتمه؛ لأنه يهدم منهجه التكفيري.

 

كيف اطلع على ذلكم النص المبتور واحتج به، وخفي عليه ما نقله الإمام ابن نصر من اتفاق أهل الحديث على الأخذ بأحاديث الشفاعة: “وهذا الاتفاق سابق على ذلكم النص المبتور؟

 

لقد أنكرتُ على هذا الحدادي نقل هذا النص المبتور.

 

وبينتُ له وللقراء أصناف أهل الكبائر الذين شملتهم الشفاعات الثابتة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين وغيرهما، وعلى رأسهم المصلون الصائمون.

 

والصنف الثاني: من في قلبه مثقال دينار من خير.

 

والصنف الثالث: من في قلبه مثقال ذرة من خير .

 

والصنف الرابع: يقول الله -عزّ وجل- فيهم: “شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل …الخ

 

أعتقد أن هذا الحدادي وإخوانه الحدادين قد اطلعوا على هذه الشفاعات من كتب أئمة الحديث، ولكنهم على طريقة الخوارج لا يؤمنون بها.

 

ولقد سقتُ منها أحد عشر حديثاً في ردي على أبي عاصم هذا، انظر (ص153- 165) من “المقالات الأثرية”.

 

بالإضافة إلى حديث أبي سعيد وحديث أنس –رضي الله عنهما- الذي فيه ذكر الشفاعات في هذه الأصناف.

 

وفي آخره يخرج بالشفاعة من عندهم أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان، ثم تأتي رحمة أرحم الراحمين بعد هذه المراحل، فيخرج الله من النار من قال: “لا إله إلا الله”.

 

وما رأيتُ أحداً من أئمة الإسلام يخالف هذه الأحاديث، أو يتأول قوله –صلى الله عليه وسلم-: “لم يعملوا خيرا قط” بأن هؤلاء معذورون لم يتمكنوا من العمل، وإذا كانوا معذورين لم يتمكنوا من العمل فكيف يدخلهم الله النار ويعذبهم العذاب الشديد، وهو جلَّ وعلا يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

 

والله الرؤوف الرحيم يُعلِّم عباده أن يقولوا: (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا).

 

ويُعلِّم ربنا -أرحم الراحمين- عباده أن يقولوا: (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ).

 

إن هؤلاء الذين لم يعملوا خيراً قط لمن أشد المجرمين، فعذبهم الله على إجرامهم المتعمد العذاب الشديد؛ لأنهم متمكنون من العمل، ومتمكنون منه طول حياتهم، أرجو ممن يتأول هذا التأويل أن يعلن تراجعه عنه؛ لأنه يخالف القرآن والسنة.

 

وأنا أسأله ما هو عمل من في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان؟ وما هو عمل من جاء بعده؟

 

(ص165- 167) نقل أبو عاصم عن ابن بطة قولاً له في تكفير تارك الصلاة.

 

فأجبته بالكلام الآتي وهو في (ص167-168) من “المقالات الأثرية”، ونصه:

 

“”أن ابن بطة نفسه لا يكفر تارك الصلاة”.

 

وقال بذلك الإمام ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية.

 

ثم نقلتُ عن ابن بطة نفسه كلاماً يصرِّح فيه بأنه لا يخرج الرجل من الإسلام إلا الشرك، ثم نقلتُ كلاماً نحوه عن الإمام أحمد والبربهاري وابن البناء. انظر “المقالات الأثرية” (ص170-172).

 

نقل أبو عاصم عن المنذري والقرطبي وابن رجب أقوالاً لهم في تكفير تارك الصلاة، فناقشته في ذلك، انظر “المقالات الأثرية” من (ص172-182).

 

وأقول الآن: نحن لا ننكر أن هناك علماء يكفرون تارك الصلاة.

 

 ولكنهم لا يرمون إخوانهم في السنة والتوحيد والحديث الذين لا يكفرون تارك الصلاة بالإرجاء.

 

ولا يرميهم بالإرجاء إلا الخوارج السابقون، واللاحقون: الحدادية الباغية.

 

(ص182- 183) قال أبو عاصم: “وقد سئل أبناء الشيخ، وحمد بن ناصر: عمن ترك الصلاة كسلاً من غير جحود لها؟ فأجابوا: يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً، كما روى مسلم في صحيحه من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر ” ، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ليس بين العبد وبين الشرك والكفر إلا ترك الصلاة ” ، وعن عبد الله بن شقيق قال: “كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال ترْكه كفر إلا الصلاة” ، رواه الترمذي؛ فدلت هذه الأحاديث: على أن ترك الصلاة كفر مستقل، من غير اقترانه بجحد الوجوب؛ وذلك لأن جحد الوجوب لا يختص بالصلاة وحدها، فإن من جحد شيئاً من فرائض الإسلام فهو كافر بالإجماع. الدرر السنية (4/200-201)”.

 

فأجبته بقولي: “صرّح الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أنه وإن قاتل على الأركان الأربعة بعد الشهادتين، إلا أنه لا يُكفر إلا بترك الشهادتين، وحكى الإجماع على ذلك، وتابعه على هذا من أبنائه الشيخ عبد الله ومن أحفاده الشيخ عبداللطيف والشيخ سليمان بن عبد الله، ومن أتباعه ابن سحمان، وهذا أمر معلوم، ومع علم الحدادية به فهم يرمون من لا يُكفر تارك الصلاة بالإرجاء”.

 

ثم قلت: “وأعتقد أنهم يعتقدون في الإمام محمد ومن سار على نهجه في عدم التكفير بأي عمل إلا بالشهادتين بأنهم من المرجئة، ولكنهم يستخدمون التقية والمراوغات”.

 

وأقول الآن: هل أبناء الشيخ وحمد بن ناصر الذين يكفرون تارك الصلاة هل هم يرمون من لا يكفر تارك الصلاة بالإرجاء؟ حاشاهم، ثم حاشاهم أن يسيروا على طريقة الخوارج التي أرغى فيها الحداديون وأزبدوا، ومنهم أبو عاصم.

 

(ص183-184): “قال أبو عاصم في (ص5) من مقاله:

 

“وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: اختلف العلماء، رحمهم الله، في تارك الصلاة كسلاً من غير جحود: فذهب أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، ومالك، إلى أنه لا يحكم بكفره; واحتجوا بما رواه عبادة. وذهب إمامنا أحمد بن حنبل([8]) والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك والنخعي، والحكم وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي، وغيرهم من كبار الأئمة والتابعين، إلى أنه كافر، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعاً، وذكره في كتاب الزواجر عن جمهور الصحابة والتابعين…”الدرر السنية : (4/201-202)”.

 

أقول:

 

أ- انظر إلى العلامة حمد بن ناصر كيف يترحم على جميع العلماء المختلفين في تارك الصلاة، ولم يغمز أي مغمز في من لا يُكفر تارك الصلاة.

 

وليس كذلك الحدادية، إذ لهم منهج غير منهج أهل السنة والحديث، بل هم من فِرَق الخوارج الخارجين على علماء السنة والطاعنين فيهم والرامين لهم بالضلال والإرجاء.

 

ب- وانظر إلى الشيخ حمد حيث لم يتشبث بدعوى الإجماع، وعقبه بقول الجمهور، ولو اطلع هو وغيره على مخالفة إسماعيل بن علية وعبد الأعلى لِرواية بشر بن المفضل المتضمنة دعوى الإجماع لما حكى هذا الإجماع المزعوم”.

 

(ص185) من “المقالات الأثرية”: ” قال أبو عاصم في (ص5):

 

“وقال الشيخ ابن باز: “وهي -أي الصلاة – عمود الإسلام، فكون تركها كفر أكبر لا يستغرب؛ ولهذا ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: “أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة” ، ­فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر بإجماع الصحابة رضي الله عنهم” .

 

” الجزء العاشر من مجموع الفتاوى : “حكم تارك الصلاة، وهل يبطل عقد النكاح إذا كان أحد الزوجين لا يصلي قبل الزواج؟””.

 

أقول: انظر إلى العلامة ابن باز، حيث أبدى رأيه في تكفير تارك الصلاة، ولم يرم من لم يُكفره بالإرجاء، ولو اطلع -رحمه الله- على مخالفة إسماعيل بن علية وعبد الأعلى لبشر بن المفضل في حكاية الإجماع لما استشهد بحكاية بشر.

 

ثم إنه سُئل عمن لا يُكفر تارك العمل هل هو مرجئ؟ فقال: لا، هو من أهل السنة”، “مجلة الفرقان”، العدد (94) السنة العاشرة، شوال 1418هـ.”.

 

وهذا الكلام ضد منهج الحدادية الذين يرمون بالإرجاء من لا يكفر تارك العمل.

 

(ص185-187) ” قال أبو عاصم في (ص6):

 

” ومن إجابات اللجنة الدائمة حول حكم تارك الصلاة قولهم : “الصلاة ركن من أركان الإسلام فمن تركها جاحداً لوجوبها فهو كافر بالإجماع، ومن تركها تهاوناً وكسلاً فهو كافر على الصحيح من قولي العلماء في ذلك، والأصل في ذلك عموم الأدلة التي دلت على الحكم بكفره ولم تفرق بين من تركها تهاوناً وكسلاً ومن تركها جاحداً لوجوبها، فروى الإمام أحمد وأهل السنن بسند صحيح من حديث بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر». وروى مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: « بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة»، وروى عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، رواه الترمذي.” الفتوى رقم (1912)”.

 

أقول: انظر إلى اللجنة الدائمة، فإنهم وإن كفّروا تارك الصلاة لم يطعنوا في من لا يُكفره.

 

ولو علموا بمخالفة إسماعيل بن علية وعبد الأعلى لبشر بن المفضل لما حكوا هذا الإجماع المزعوم.

 

والحاصل أن العلماء الذين يُكفرون تارك الصلاة لا نراهم إلا يحترمون من لا يُكفره، ويعتبرونهم إخوانهم ومن علماء السنة، ويجلونهم ويعرفون لهم قدرهم، ويعتقدون أن لهم براهين فيما ذهبوا إليه، وأنهم بعيدون عن الهوى.

 

وكذلك من لا يُكفرون تارك الصلاة لا ينظرون لإخوانهم الذين يُكفرون تارك الصلاة، إلا بعين الإجلال والاحترام والتقدير، ويعتبرونهم من أهل السنة وأئمتهم، ويعتقدون أن لهم براهينهم فيما ذهبوا إليه، وأنهم بعيدون عن الهوى”.

 

(ص187- 189) ” قال أبو عاصم:

 

” وليس بحثي في الخلاف أو الإجماع في مسألة حكم تارك الصلاة فهذا شأن آخر وإنما بحثي حول صحة الأثر فقط واستدلالات الفقهاء به”.

 

أقول:

 

1- إن بحثك بهذه الطريقة خطأ، لا سيما وأنت قد وقفتَ على تضعيف هذا الأثر بالأدلة والبراهين.

 

وأنت رأيتَ بنفسك مخالفة إسماعيل بن علية لِبشر بن المفضل في هذا الأثر، وهو أقوى وأرجح في الجريري وغيره من بشر، وكذلك مخالفة عبد الأعلى لِبشر.

 

2- قولك: ” وليس بحثي في الخلاف أو الإجماع في مسألة حكم تارك الصلاة فهذا شأن آخر وإنما بحثي حول صحة الأثر فقط واستدلالات الفقهاء به”.

 

قول غريب عجيب، وذلك أن مقالك إنما تدندن فيه لإثبات الإجماع على كفر تارك الصلاة، ذلك الإجماع الذي لا ولن يثبت.

 

ثم لو كنتَ تنشد الحق لكفاك ذلك زاجراً عن اللجوء إلى تقليد علماء لهم عذرهم، ولا عذر لك في تقليدهم، فهم لم يطلعوا على مخالفة إسماعيل بن علية وعبد الأعلى لِبشر، ولو اطلعوا عليها لما احتجوا برواية بشر الضعيفة المرجوحة، التي لا تصلح للاحتجاج بها، لا في هذا الموضوع، ولا فيما هو دونه.

 

3- ليس لك أي حق أن تنصر الفرقة الحدادية الباغية على أهل السنة، الخارجة عليهم المحاربة لهم، فلم تترك أهل السنة المعاصرين ولا السابقين من بغيها وظلمها، فلا تراها إلا تتلمس وتبحث عن أي شيء يوصلها إلى تبديعهم وحربهم، ولو كان لهم أدلة وبراهين على ثبوته أو نفيه، ألا ترى أنهم يبدعون من لا يُكفِّر تارك الصلاة، وعلى رأسهم أئمة الإسلام؛ كالإمام الزهري والإمام مالك والإمام الشافعي، بل والإمام أحمد، الذي له روايات في تارك الصلاة وكثير من أتباعه وأبرزهم لا يُكفرون تارك الصلاة، ومنهم الإمام ابن بطة والإمام ابن قدامة وغيرهم.

 

بل بعضهم لا يُكفر تارك العمل كما سقنا أقوالهم سلفاً، فما مصيرهم على منهج الحدادية؟

 

بل وجماهير أهل السنة والحديث يرون خروج المذنبين من النار بما في قلوبهم من الإيمان؛ آخذين ذلك من أحاديث الشفاعة، فما مصيرهم -أيضاً- على منهج الحدادية؟

 

لقد كان من الواجب عليك الذب عن أهل السنة وأئمتهم الذين يتطاول عليهم هؤلاء الجهلة البغاة”.

 

وأقول الآن: فما ازداد هذا الحدادي إلا فتنة وشراً فاق فيهما أسلافه.

 

ملحق مهم:

 

أحاديث الشفاعة متواترة، يؤمن بها أهل السنة والحديث ولم يتأولوها.

 

  1. فهذا الإمام أحمد إمام أهل السنة يقول في “أصول السنة” (ص75):

 

” والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحماً، فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة -كما جاء في الأثر- كيف شاء الله وكما شاء. إنما هو الإيمان به والتصديق به”.

 

فهذا الإمام أحمد يعتبر الإيمان بأحاديث الشفاعة من أصول السنة.

 

ويقول: إنما هو الإيمان والتصديق، فهل الحدادية ومن يؤيدهم على هذا المنهج الحق؟

 

  1. وهذا الإمام ابن أبي عاصم يقول في “كتاب السنة” (2/399) تحت حديث رقم (832):

 

” والأخبار التي روينا عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيما فضله الله به من الشفاعة وتشفيعه إياه فيما([9]) يشفع فيه أخبار ثابتة موجبة بعلم حقيقة ما حوت على ما اقتصصنا والصاد عن الأخبار الموجبة للعلم المتواترة كافر وقد ذكرناها ما دل على عقده من الكتاب جعلنا الله وكل مؤمن بها مؤمل لها من أهلها”.

 

        انظر إلى حكم هذا الإمام على الصاد عن أحاديث الشفاعة المتواترة.

 

  1. ذكر الإمام محمد بن نصر اختلاف أهل الحديث والسنة في لفظي الإيمان والإسلام، هل هما شيء واحد أو أنهما يفترقان؟

 

وقسمهم إلى ثلاث طوائف في هذا الاختلاف؛ طائفتان منهم تفرق بينهما، وذكر أدلتهما على هذا التفريق، وطائفة ثالثة منهم لا تفرق بينهما.

 

فقال في “تعظيم قدر الصلاة” (ص533-535)، ذاكراً قول الطائفة الثالثة:

 

” وقد جامعتنا هذه الطائفة([10]) التي فرقت بين الإيمان والإسلام على أن الإيمان قول وعمل وأن الصلاة والزكاة من الإيمان وقد سماهما الله دينا وأخبر أن الدين عند الله الإسلام فقد سمى الله الإسلام بما سمى به الإيمان وسمى الإيمان بما سمى به الاسلام وبمثل ذلك جاءت الاخبار عن النبي صلى الله عليه و سلم فمن زعم أن الإسلام هو الإقرار وأن العمل ليس منه فقد خالف الكتاب والسنة ولا فرق بينه وبين المرجئة([11]) إذ زعمت أن الإيمان إقرار بما عمل، فقد بين الله في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم أن الإسلام والإيمان لا يفترقان فمن صدق الله فقد آمن به ومن آمن بالله فقد خضع لله وقد أسلم لله ومن صام وصلى وقام بفرائض الله وانتهى عما نهى الله عنه فقد استكمل الايمان والإسلام المفترض عليه ومن ترك من ذلك شيئا فلن يزول عنه اسم الإيمان ولا الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل وصدق لا كذب ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر خضوع للهيبة والجلال والطاعة للمصدق به وهو الله عز و جل فمن ذلك يكون النقصان لا من إقراراهم بأن الله حق وما قاله صدق قالوا ومما يدلك على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان والإسلام قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها لن يزول عنه اسم الإسلام وشر من الكبائر وأعظمهم ركوبا لها من أدخله الله النار فهم يروون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويثبتونه أن الله يقولأخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن في قلوبهم إيمانا أخرجوا بها([12])من النار وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من النار([13]) ودخول الجنة ليس بمؤمن بالله إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر”.

 

أقول:

 

1- انظر كيف أجمع أهل الحديث على الأخذ بأحاديث الشفاعة.

 

2- انظر كيف أخذوا بقول الله: “أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ومثقال برة ومثقال شعيرة من إيمان”.

 

فسلموا بهذا النص الواضح الجلي عن الله بأن الله أخرجهم من النار بما في قلوبهم من الإيمان، ولو كان عندهم شيء أو أشياء من أعمال الجوارح لذكرها وأشهد أن الله لا يقول إلا حقاً ولا يشهد إلا بالحق، وأنه لا يظلم مثقال ذرة.

 

وأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا حقاً، ولا يشهد إلا بالحق.

 

 وأنه قد نصَّ على أصناف يشفع فيهم –صلى الله عليه وسلم-، أولهم المصلون المزكون المؤدون للصيام والحج.

 

 وآخرهم من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان.

 

 وبعده تأتي رحمة أرحم الراحمين، فيخرج من النار من قال: “لا إله إلا الله”.

 

 فمن يقول بأن هذين الصنفين من المصلين، ويصر على ذلك مثل الخوارجالحدادية ويطعن فيمن آمن وأخذ بهما، فقد سلك مسلك الجهمية والمعتزلة والقدرية الرادين للنصوص القرآنية والنبوية والمحرفين والمعطلين لما دلّت عليه تلك النصوص التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.

 

حكاية شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وسائر أهل السنة والجماعة على الأخذ بأحاديث الشفاعة، وأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

 

قال –رحمه الله- في “مجموع الفتاوى” (1/318):

 

“وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ أَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فَقَالُوا : لَا يَشْفَعُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكَبَائِرِ عِنْدَهُمْ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلُوهَا لَا بِشَفَاعَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَمَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَحَدٌ ؛ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ“.

 

 

 

وقال بمضمون أحاديث الشفاعة الإمام ابن القيم –رحمه الله-.

 

قال في كتابه “حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح” (ص272-273):

 

“إنه قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري في حديث الشفاعة:

 

” فيقول الله -عز وجل- شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيها في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه”،فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه النار بحيث صاروا حمما وهو الفحم المحترق بالنار، وظاهر السياق أنه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير فإن لفظ الحديث هكذا:”فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول الله -عز وجل-: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض الله قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط”،فهذا السياق يدل على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير ومع هذا فأخرجتهم الرحمة.

 

 ومن هذا رحمته سبحانه وتعالى للذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار ويذروه في البر والبحر زعماً منه بأنه يفوت الله سبحانه وتعالى فهذا قد شك في المعاد والقدرة ولم يعمل خيرا قط، ومع هذا فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال خشيتك وأنت أعلم فما تلافاه أن رحمه الله، فلله سبحانه وتعالى في خلقه حكم لا تبلغه([14]) عقول البشر وقد ثبت في حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:”يقول الله -عز وجل-:أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام”.

 

فقد أخذ هذا الإمام بمضمون هذه الأحاديث مائة في المائة.

 

وهو مذهب أهل السنة والحديث كما أسلفنا.

 

وأجزم أن أحاديث الشفاعة وأحاديث فضل التوحيد من أعظم أدلة جمهور أهل السنة الذين لا يكفرون تارك الصلاة.

 

ومثل هذا القبول يغيظ الحدادية، ويعتبرون هذا القبول إرجاء وأهله مرجئة، وقد يجعلونه من غلاة المرجئة.

 

وأختم هذا المقال بقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- في “مقدمة حادي الأرواح” (ص15-16):

 

“والله يعلم ما قصدت، وما بجمعه وتأليفه أردت، فهو عند لسان كل عبد وقلبه، وهو المطلع على نيته وكسبه، وكان جل المقصود منه بشارة أهل السنة بما أعد الله لهم في الجنة، فإنهمالمستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة، وهم أولياء الرسول وحزبه، ومن خرج عن سنته فهم أعداؤه وحربه، لا تأخذهم في نصرة سنته ملامة اللوام، ولا يتركون ما صح عنه لقول أحد من الانام، والسنة أجل في صدورهم من أن يقدموا عليها رأيا فقهيا أو بحثا جدليا أو خيالا صوفيا أو تناقضا كلاميا أو قياسا فلسفيا أو حكما سياسيا، فمن قدم عليها شيئا من ذلك فباب الصواب عليه مسدود، وهو عن طريق الرشاد مصدود”.

 

فيا أيها الحداديونثقوا أننا لا نقدم على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأياً فقهياً، أو بحثاً جدلياً، أو خيالاً صوفياً، ولا تناقضاً كلامياً، أو قياساً فلسفياً، أو حكماً سياسياً.

 

بل نعض على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنة خلفائه الراشدين بالنواجذ.

 

فيا أيها الحداديون خذوا بنصوص الشفاعة التي تدل دلالة واضحة كالشمس على الوعد العظيم للمؤمنين المستقيمين ونعيمهم، وتدل دلالة واضحة كالشمس على الوعيد الشديد والعذاب الأليم للمنحرفين، ثم تدل على فضل “لا إله إلا الله” كلمة التوحيد وسعة رحمة الله، التي يرحم بها من عنده أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من الإيمان والتوحيد.

 

 وأنتم تحتجون بكلام بعض الناس، ولكننا على منهج السلف لا نأخذ بكلام الناس إذا خالف النصوص النبوية الواضحة، والتي أخذ بها أهل السنة وفيهم أعلم بكثير ممن تتعلقون بأقوالهم.

 

ولم تقتصروا في القال والقيل على بعض العلماء، بل ذهبتم تحتجون وتأخذون بأقوال كل من هبَّ ودبَّ من أنصاف وأرباع العلماء.

 

وترجفون على أهل السنة والحق بكتابات الكذابين والخونة والمجهولين مثل الزاكوري والحماماتي.

 

 ولن تغني عنكم هذه الأراجيف شيئاً في الدنيا والآخرة، بل ما فيها وما وراءها إلا الخسران المبين،والحق يعلو ولا يعلى عليه، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ).

 

اللهم انصر دينك وأعلِ كلمتك.

 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

كتبه: ربيع بن هادي عمير

 

19/8/1435هــ

 

 

 



[1]والحدادية أكثر ادعاءً للإجماعات من المريسي والأصم، فليدرك ذلك أهل السنة والإنصاف.

[2]وهذا حال الفرقة الحدادية المحاربة لأهل السنة.

[3]وأكذب من يدَّعي الإجماع هم الحدادية.

[4]الكلام المتعلق بهذا الحديث موضعه في آخر هذه المضامين، لكني رأيت تقديمه للمصلحة.

[5]– قولأبيعاصم: “قالالمروزي: قالأبوعبدالله”،لاأستبعدأنهيرىأنالمروزيغيرأبيعبدالله،ولايعرفأنالمروزيهوأبوعبدالله.

[6]كذا، والصواب: “به”، ولعل هذا من عمل النساخ.

[7]كذا، والصواب: “من النار”، ولعل هذا من عمل النساخ.

[8]– أقول: للإمامأحمدقولبعدمتكفيرتاركالصلاة،وقولآخر لايكفرفيهبتركالأركانالأربعة،ذكرذلكشيخالإسلامابنتيمية.

[9]– ولعل الأصل: “فيمن”.

[10]الواقع أن المفرق بين الإيمان والإسلام إنما هما طائفتان أسلف ذكرهما في كتابه المذكور.

[11]بل هو مرجئ.

[12]– كذا، والصواب: “به”.

[13]– فيالأصل : ” الإيمان “،وهوخطأواضح،والظاهرأنهمنبعضالنساخ،والصوابماأثبتناهبدلالةالسياق.

[14]– فيالأصل: “لاتبلغه”،والظاهرأنهتصحيفالنساخ،والظاهرأنالصواب: “لاتبلغها”.

 

أحدث المقالات

اكتشاف المزيد من العلامة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading