المعلقات في البخاري بعض الناس يعتقدون أنّ كل ما علّقه بصيغة الجزم فهو صحيح إلى ذلك المعلق عنه, وما علّقه بصيغة التضعيف فهو ضعيف, لكن الحافظ ابن حجر العليم بهذه الأمور أكثر من غيره يرى أنّ فيما روي بصيغة الجزم قد يكون فيه الضعيف، وضرب لذلك أمثلة، وما روي بصيغة التمريض قد يكون فيه الصحيح, وتكون روايته له بصيغة التمريض لا من أجل ضعفه وإنّما لأجل أنّه رواه بالمعنى, أو تصرف فيه، هذا فيما يتعلق بالمعلقات في البخاري، وأثبتوا له في الصحة إلى من علق عنه هذا الأثر ويبقى النظر في من بعد هذا.
وتعرفون أنّ الحافظ رحمه الله في فتح الباري يصل بعض المعلقات وفي “تغليق التعليق” يصل بعض المعلقات, وأنا أقول بناء على هذه القاعدة، لا أذكر الآن حديثاً عجز الحافظ عن تغليقه, ما أذكر, لكن لو فرض أنّه عجز عن تغليقه, فيكون حكمه حكم المراسيل والمقاطيع وما شاكل ذلك، يحكم عليها بالضعف, لأننا لماذا نحكم على المرسل بالضعف؟ والمنقطع؟ للجهل بحال الراوي الساقط هذا قد يكون ثقة وقد يكون ضعيفا وقد يكون كذّابا إلى آخره, فنجهل حاله فلا نحكم له بالصحة إلاّ إذا عرفنا حال راويه وأنّه من الثقات أو على الأقلّ ممّن تقبل روايته كراوي الحسن وما شاكل ذلك, إذا لم نجد فلا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها, نمشي على هذه القواعد ونعامله كمعاملة المراسيل ونحكم عليه بالضعف.
السائل: الإشكال هو أن ابن الصلاح قبل ابن حجر لماّ ذكر المعلقات هذه قال: بالنسبة لما ذكره البخاري بصيغة الجزم فإنّنا نحكم بالصحة إلى من علّقه عنه, قال: تحسيناً للظنّ بالبخاري فاستشكلت أنا على المدرس قلت له: -يعني- إنّما قلنا: إنّه صحيح بناءً على أنّ البخاري يرى أنّه ثقة عنده ويشكل على هذا أنّه قد يقول بعض الأئمّة مثلا حدثي الثقة لكن لا نقبل بهذا حتى نعرف من هو هذا الثقة.
الجواب: هو كذلك, وأنتم تعرفون أنّ الدارقطني ناقشه في أحاديث لا هي معلقة ولا هي مرسلة بل موصولة الأسانيد ومع ذلك أعلّها، وإن كان قد يكون الغالب أن الصواب مع البخاري ومع مسلم, لكن قد يصيب أحيانا.
ولهذا يقال: أحاديث الصحيحين تفيد العلم اليقيني أو القطعي لتلقي الأمّة لها بالقبول إلاّ الأحاديث التي انْتُقِدت، انتقدها الدارقطني وغيره، فإنّ هذه ليس لها حكم تلك الأحاديث التي تُلُقِيَت بالقبول وإن كان فيها الصحيح, لكن لا نعطيها حكم الأحاديث التي جزمت الأمّة بصحتها.
[أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث (الحلقة الأولى)]