بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى فرض الصلاة كما روت عائشة: “فرض الصلاة ركعتين ركعتين، ثم زيد فيها، زيد في الحضر ركعتان، وأقرت صلاة السفر على الركعتين”، واختلف العلماء هل القصر للمسافر أمر واجب أم هو رخصة، فمنهم من يذهب إلى أن هذا أمر واجب لا يجوز للمسافر+
أن يصلي – طبعا هذا في الرباعية أن يقصرها أما المغرب والفجر فإنها تبقى كما هي- فالمسافر في نظر هؤلاء يصلي الصلاة الرباعية ركعتين قصرا وذلك أمر محتم، وبعضهم يرى أن القصر رخصة، فإذا درس طالب العلم هذه القضية واقتنع بالوجوب فهو مسبوق كذلك من أئمة الإسلام، وإذا ترجح له أنه رخصة فله ذلك، وعلى أنه رخصة فإذا صلى تماما فقد [أجزأ] ولكن أفضل منه حتى عند من يرى أنه رخصة، يرى أن الأفضل الاستفادة من هذه الرخصة، و“أن الله سبحانه وتعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته”، فالله سبحانه وتعالى الرحيم الحكيم يحب أن تؤتى الرخص، وحتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل أمرا ترخص فيه، فتنـزّه عنه بعض الناس، فغضب وقال: “ما بال أناس أفعل الشيء فيتنـزهون عنه” أو كما قال، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم عدم الأخذ بهذه الرخصة وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “إن هذا الدين سمح” ديننا وشريعتنا سمحة، فإذا كان الرسول يترخص ويغضب ممن ترك الترخص، والله يحب أخذ الرخصة، فالمطلوب سواء اعتقد أنه واجب أو مستحب يقصر.
هذا الذي صلى وهو مسافر بمقيمين صلى بهم صلاة المسافر فنبههم كما قال رسول الله: “أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر”، كان يصلى بمكة ويقول: إنا سنصلي الظهر قصرا أو العصر يقول: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر وكذلك كان يفعل عثمان رضي الله عنه، فإذا نبههم فليس لهم الحق أن يغضبوا عليه ويستنكروا هذا الأمر المشروع، في البداية قد لا [يعلمون] أنه مسافر، قد يترخص ويصلي ركعتين، أو يعتقد وجوب الركعتين فيصلي بهما، لكن الغريب على كثير من الناس، هو عدم اهتمام كثير من الناس بنشر السنن، قد يستنكرون بعض السنن أكثر مما يستنكرون البدع، لغيابها عنهم وخفائها عليهم.
وقد حصل لي مثل هذا مرتين، في بعض المدن قدموني أصلي وأنا مسافر، قالوا صلي، فخطبت وبينت لهم أني مسافر وسأصلي بكم ركعتين فإذا سلمت فقوموا وأتموا صلاتكم، فصليت بهم ركعتين وسلمت، فقاموا وأتموا، وبعضهم افترق وحصل يعني شيء من التعليقات، فبينت لهم أن هذا سنة.
مرة جاءني الشيخ الألباني، وأنا في المدينة وكان عندي مسجد أصلي فيه فقدمته، ومذهب الشيخ الألباني أنه لا يكون التنبيه قبل الصلاة، يرى أن السنة فقط إذا سلمت أن تقول: “أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر” لكن خاف فنبههم، فصلى وأكد لهم وبين لهم ماذا سيفعل وماذا يفعلون، فلما سلم، الناس صلوا وأتموا ثم يعني قال بعضهم كيف تقدم إنسان مسافر وكذا وكذا، فقلت لهم هذا شيء مشروع، ما فيه خلاف، عند العلماء يجوز أن يصلي المسافر بالمقيم والمقيم بالمسافر، فقال والله أُبلغ عنك، فذهب إلى بعض القضاة الأفاضل وذكر لهم هذا الأمر، فوجدته أنا في طريقي – يعني رئيس المحاكم- فقال لي: قد بلغني أنه حصل كذا وكذا في مسجدكم، أنك قدمت إنسانا مسافرا، وحصل بلبلة وكذا، فقلت له اللوم عليهم هذا الشيء لا يعرفونه…
[شريط بعنوان: الأجوبة المدخلية على الأسئلة المنهجية]