والله، إذا خيّر، يختار أيسرهما، فما بالك إذا بنى عشر مساجد، “من بنى بيتا لله بنى الله له مثله في الجنة” فيختار الإنسان البلدان التي أهلها فقراء، وهذا البلد الغني يهيئ الله من يبني فيه مساجد، والله أؤيد أنا هذه النظرة والله أعلم وإن كان واحد من الإخوة عنده وجهة رأي فتفضلوا، هذا رأيي والله أعلم و“كان رسول الله إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما“.
أحد المحاضرين: إذا بنى مسجدا في هذا البلد الذي التكلفة فيه مرتفعة وهناك المساجد كثيرة، وغيره بنى مساجد كثيرة ألا يحصل على الأجر الذي لو بنى هذه المساجد لكونه بنى المسجد في مكان حاجة الناس إليه ماسة فيه؟ هذا سؤال يا شيخ؟
الشيخ: هل يشترط في البلاد التي يبنى فيها المسجد أن يكون أهلها محتاجين، الحاجة ماسة عندهم، ما فيه تفريق بين البلدان المسلمة، ما ينبغي.
أحد المحاضرين: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، الحقيقة لا مزيد على ما ذكره شيخنا – حفظه الله–، لكن تحضرني مسألة متعلقة، أو أنه في الحقيقة أمر متعلق بالسؤال، وذلك أن المفاضلة بين – ما ورد في السؤال– المفاضلة بين التعدد والانفراد، بين عدة مساجد ومسجد، يحضرني أن أهل العلم تكلموا في هذا الأمر، حتى إن الإمام الحافظ ابن رجب عقد لهذه المسألة قاعدة في كتابه “القواعد“، وذكر خلاف أهل العلم فيها وذلك أن هذه المسألة يتنازعها أصلان، الأصل الأول: النظر إلى الكثرة وما ذكره شيخنا من أنه يُرَغَّبُ في كثرة المساجد، فكلما بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، ينازع هذا الأصل أصل آخر وهو تحسين العمل، وهذا أصل مشهور بين أهل العلم حتى إن الكثير من طلاب العلم قد لا يستحضر غيره، لكن الذي عليه المحققون من أهل العلم هو النظر في هذه المسألة، حتى إن الإمام أحمد كان يرجح الكثرة وهذا إذا ما استوت القيمة، وقد مثَّل بشراء بقرتين هزيلتين في مقابل شراء بقرة سمينة بثمن واحد، فيقع عند الإمام أحمد وعند بعض أصحابه ترجيح البقرتين الهزيلتين بالنظر إلى الكثرة، وبالنظر إلى إراقة الدم، ومن أهل العلم – وفيما يحضرني أن شيخ الإسلام– نظر إلى حاجة الناس هذا في حال التساوي، أما في حال النظر إلى الأمور الأخرى المتعلقة بالمسألة، كحاجة الناس، فلا شك أنه ينظر في هذا المقام إلى حاجة الناس، فإذا كان البلد سواء بني فيه مسجد أو عدة مساجد، ينظر لحاجة الناس في هذا البلد، وكذلك ينظر إلى قيمة المسجد، فقد يكون المسجد في بلد يكلف ما تكلف العشرة في بلد آخر، فهنا يؤجر أيضا على التكثر بالنظر إلى القيمة، كما أنه يؤجر على التكثر بالنظر إلى تعدد المساجد، فالمسألة دقيقة، وأهل العلم لهم كلام فيها ومنهم من ينظر إلى ما يقارن المسألة بالنظر إلى المصالح الأخرى وبالنظر أيضا إلى المشقة لقول النبي صلى الله عليه لعائشة: “أجرك على قدر نصبك” فهذا ما أحببت التنبيه عليه.
[شريط بعنوان: إزالة الإلباس عما اشتبه في أذهان الناس]